للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله- سبحانه-: كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً تأكيد لقضاء الله النافذ، وحكمه الثابت.

أى: كانَ ذلِكَ الإهلاك والتعذيب، في الكتاب، وهو اللوح المحفوظ مَسْطُوراً أى: مكتوبا وثابتا.

قال القرطبي: مَسْطُوراً أى: مكتوبا. والسطر: الخط والكتابة، وهو في الأصل مصدر. والسطر- بالتحريك- مثله، وجمعه أسطار، مثل سبب وأسباب، وجمع السطر- بسكون الطاء- أسطر وسطور مثل أفلس وفلوس. والكتاب هنا يراد به اللوح المحفوظ» «١» .

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على الأمة الإسلامية، ورحمته بها، فقال- تعالى-: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ....

وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية آثارا منها ما أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحى الجبال عنهم فيزرعوا. فقيل له: إن شئت أن تستأنى بهم، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا. فإن كفروا، هلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم.

فقال صلى الله عليه وسلم: «لا.. بل استأنى بهم» ، وأنزل الله قوله: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ... «٢» .

قال الآلوسى: والمنع لغة: كف الغير وقسره عن فعل يريد أن يفعله، ولاستحالة ذلك في حقه- تعالى- لاستلزامه العجز المحال المنافى للربوبية قالوا: إنه مستعار هنا للصرف والترك ... » «٣» .

وقوله: أَنْ نُرْسِلَ في محل نصب لأنه مفعول ثان لمنعنا، أو في محل جر، على حذف الجار، أى: من أن نرسل، وقوله: إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا في محل رفع لأنه فاعل منعنا، والتقدير: وما منعنا من إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين.


(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٢٨٠.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٤٧.
(٣) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>