للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف الدليل، والفرق بين الصورتين أن الليل ليس من جنس النهار فيكون الليل خارجا عن حكم النهار، والمرافق من جنس اليد فيكون داخلا فيه» .

وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» .

وكان من عادته صلّى الله عليه وسلّم تعجيل الفطر، فقد روى الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» .

وقد أخذ العلماء من هذه الآية ومن عمل الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقوله، أن من واصل الإمساك عن المفطرات في الليل فلا ثواب له على هذا الإمساك، لأنه لم يقع في الوقت الذي رسمه الشارع لعبادة الصوم، بل يعد هذا المواصل فاعلا لمحظور، فلا بد للصائم من تناول شيء من المفطرات بعد غروب الشمس ولو قليلا من الماء. فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفطر قبل أن يصلّى على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء، والوصال- بمعنى أن يصوم الشخص اليوم وما بعده من غير أن يتناول مفطرا في الليل الفاصل بينهما- وردت في النهى عنه أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل يا رسول الله. قال:

لست كأحد منكم إنى أطعم وأسقى. أو قال: إنى أظل يطعمنى ربي ويسقيني» .

وروى الإمام أحمد عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عنه وقال: يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمركم الله ثم أتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا» .

وقوله: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ استثناء من عموم إباحة المباشرة، وذلك لأنه لما أطلق في الجملة السابقة الإذن في مباشرة النساء ليلة الصيام بقوله: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ كان هذا الإطلاق مظنة لأن يؤخذ منه أن المعتكف كالصائم في أنه يجوز له أن يباشر زوجته ليلا لا نهارا، فبين- سبحانه- بهذه الجملة أن المعتكف يحرم عليه أن يباشر النساء في الليل والنهار.

قال القرطبي: والاعتكاف في اللغة: الملازمة، يقال عكف على الشيء إذا لازمة مقبلا عليه. قال الشاعر:

وظل بنات الليل حولي عكفا ... عكوف البواكي بينهن صريع

ولما كان المعتكف ملازما للعمل بطاعة الله مدة اعتكافه لزمه هذا الاسم وهو في عرف

<<  <  ج: ص:  >  >>