الاستفهام في قوله- تعالى-: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى للتقرير، لأن الله- تعالى- عالم بما في يمين موسى، فالمقصود من هذا السؤال اعتراف موسى وإقراره بأن ما في يده إنما هي عصا فيزداد بعد ذلك يقينه بقدرة الله- تعالى- عند ما يرى العصا التي بيمينه قد انقلبت حية تسعى.
قال صاحب الكشاف: إنما سأله- سبحانه- ليريه عظم ما يخترعه- عز وعلا- في الخشبة اليابسة من قلبها حية نضاضة- أى تحرك لسانها في فمها-، وليقرر في نفسه المباينة البعيدة بين المقلوب عنه، والمقلوب إليه، وينبهه على قدرته الباهرة. ونظيره أن يريك الزراد زبرة من حديد- أى قطعة من حديد- ويقول لك: ما هي؟ فتقول: زبرة حديد. ثم يريك بعد أيام لبوسا مسردا فيقول لك: هي تلك الزبرة صيرتها إلى ما ترى من عجيب الصنعة، وأنيق السرد.. «١» .
والآية الكريمة: شروع في بيان ما كلف الله- تعالى- به عبده موسى- عليه السلام- من الأمور المتعلقة بالخلق، إثر حكاية ما أمر- سبحانه- به موسى من إخلاص العبادة له، والإيمان بالساعة وما فيها من حساب وثواب وعقاب.
والمعنى: وأى شيء بيدك اليمنى يا موسى؟ فأجاب موسى بقوله- كما حكى القرآن عنه قالَ هِيَ عَصايَ أى: الشيء الذي بيميني هو عصاي.. ونسبها إلى نفسه لزيادة التحقق والتثبت من أنها خاصة به وكائنة بيده اليمنى.
ثم بين وظيفتها فقال: أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها أى: أعتمد عليها لتساعدنى في حال السير وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي أى: وأضرب بها الشجر اليابس ليسقط، ورقة فترعاه أغنامى.
يقال هش فلان الشجرة بالعصا- من باب رد- فهو يهشها هشا، إذا ضربها بعصاه أو بما يشبهها ليتساقط ورقها. ومفعول أهش محذوف. أى: وأهش بها الشجر والورق.