فيكون حمل الانتهاء على الأمرين معا أولى من حمله على القتال فحسب.
وقوله- تعالى-: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ معطوف على جملة وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ والضمير «هم» يعود على الذين يقاتلون المسلمين وهم من سبق الحديث عنهم.
والمراد من الْفِتْنَةُ الشرك وما يتبعه من أذى المشركين للمسلمين واضطهادهم وتعذيبهم.
قال الآلوسى: ويؤيده أن مشركي العرب ليس في حقهم إلا الإسلام أو السيف. لقوله- سبحانه-: تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ.
وفي الصحيحين عن ابن عمر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله» .
والدين في اللغة: العادة والطاعة ثم استعمل فيما يتعبد به الله- تعالى- سواء أكان ما تعبد به صحيحا أم باطلا.
والمراد هنا: الدين الصحيح الذي شرعه الله لعباده على لسان نبيهم محمد صلّى الله عليه وسلّم ليتوصلوا به إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل.
والمعنى: قاتلوا أولئك المشركين حتى تزيلوا الشرك، وحتى تكسروا شوكتهم ولا يستطيعوا أن يفتنوا طائفة من أهل الدين الحق، وحتى يكون الدين الظاهر في الأرض هو الدين الذي شرعه الله- تعالى- على لسان نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وقد تحقق ذلك بالقتال الذي دار بين المسلمين والمشركين في أكثر من عشرين غزوة قادها النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وفي أكثر من أربعين سرية بعث فيها أصحابه، وكانت ثمار هذه المعارك أن انتصر الحق وزهق الباطل. وقبل أن يلتحق النبي صلّى الله عليه وسلّم بالرفيق الأعلى كان الدين الظاهر في جزيرة العرب هو دين الإسلام الذي جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ والعدوان في أصل اللغة: الاعتداء والظلم الذي هو من الأفعال المحرمة والمراد به في الآية القتل حيث يرتكب جزاء للظالمين.
والفاء في قوله فَإِنِ انْتَهَوْا للتعقيب. وقوله: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ قائم مقام جواب الشرط، لأنه علة الجواب المحذوف.
والمعنى: فإن امتنعوا عن قتالكم ولم يقدموا عليه، وأذعنوا لتعاليم الإسلام، فكفوا عن