الشيطان، فإن الشيطان وظيفته الإغراء بالشر لا بالخير، والأمر بالفحشاء والمنكر، وليس بالفضائل والمعروف.
وجواب الشرط في قوله: وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ محذوف، والتقدير: ومن يتبع خطوات الشيطان يقع في الضلال والعصيان، فإن الشيطان لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر.
وخاطبهم- سبحانه- بصفة الإيمان، لتحريك قوة الإيمان في قلوبهم، ولتهييجهم على الاستجابة لما أرشدهم إليه- سبحانه-.
وقوله- سبحانه- وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً..
بيان لمظاهر فضله- تعالى- ولطفه بعباده المؤمنين.
والمراد بالتزكية هنا: التطهير من أرجاس الشرك، ومن الفسوق والعصيان.
أى: ولولا فضل الله عليكم- أيها المؤمنون- ورحمته بكم- ما طهر أحد منكم من دنس الذنوب والمعاصي طول حياته، ولكن الله- تعالى- بفضله ورحمته يطهر من يشاء تطهيره من الأرجاس والأنجاس. بأن يقبل توبته. ويغسل حوبته.
«والله» - تعالى- «سميع» لدعاء عباده ومناجاتهم إياه «عليم» بما يسرونه وما يعلنونه من أقوال وأفعال.
ثم حض- عز وجل- أصحاب النفوس النقية الطاهرة، على المواظبة على ما تعودوه من سخاء وسماحة، فقال: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ، أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
وقد صح أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن أبى بكر- رضى الله عنه- عند ما أقسم أن لا يعطى مسطح بن أثاثة شيئا من النفقة أو الصدقة.
وكان مسطح قريبا لأبى بكر. وكان من الفقراء الذين تعهد- أبو بكر رضى الله عنه- بالإنفاق عليهم لحاجتهم وهجرتهم وقرابتهم منه.
وقوله: وَلا يَأْتَلِ أى: ولا يحلف. يقال: آلى فلان وائتلى. إذا حلف ومنه قوله- تعالى-: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ.. «١» أى: يحلفون.
أى: ولا يحلف «أولوا الفضل منكم والسعة» أى أصحاب الزيادة منكم في قوة الدين.
وفي سعة المال «أن يؤتوا أولى القربى..» أى: على أن لا يعطوا أولى القربى والمساكين
(١) سورة البقرة الآية ٢٢٦.