للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيوت غيركم بدون استئذان منهم.

ثم بين- سبحانه- حالة أخرى توجب عليهم الاستئذان، فقال: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ ...

أى: فإن لم تجدوا في هذه البيوت أحدا، بأن كانت خالية من سكانها لظرف من الظروف، فلا يصح لكم- أيضا- أن تدخلوها، حتى يؤذن لكم في دخولها ممن يملك الإذن بذلك.

قال صاحب الكشاف: «وذلك أن الاستئذان لم يشرع لئلا يطلع الدامر- أى الداخل بغير إذن- على عورة، ولا تسبق عينه إلى ما لا يحل النظر إليه فقط، وإنما شرع لئلا يوقف على الأحوال التي يطويها الناس في العادة عن غيرهم، ويتحفظون من اطلاع أحد عليها، ولأنه تصرف في ملك غيرك، فلا بد من أن يكون برضاه. وإلا أشبه الغصب والتغلب» «١» .

فالآية الأولى لبيان حكم دخول البيوت المسكونة بأهلها، وهذه لبيان حكم دخول البيوت الخالية من سكانها.

وقوله- تعالى-: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ بيان لما يجب عليهم في حالة عدم الإذن لهم بالدخول.

أى: وإن قيل لكم من جهة أهل البيت ارجعوا ولا تدخلوا، فارجعوا ولا تلحوا في طلب الدخول، فإن هذا الرجوع هو أطهر لأخلاقكم، وأبقى لمرءوتكم. من الإلحاح في الاستئذان، ومن الوقوف على أبواب أصحابها قد تكون أحوالهم لا تسمح لكم بالدخول عليهم.

وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ تذييل قصد به التحذير من مخالفة ما أمر الله- تعالى- به، وما نهى- سبحانه- عنه.

أى: والله- تعالى- لا تخفى عليه خافية من أعمالكم، فأصلحوها، والتزموا باتباع ما أمركم به، وما نهاكم عنه، فإنه- سبحانه- سيجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب.

فالمقصود من هذا الإخبار: إفادة لازمه وهو المجازاة على هذه الأعمال.

وقوله- سبحانه-: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ بمنزلة الاستثناء من الأحكام التي اشتملت عليها الآيتان السابقتان.

فقد ذكر المفسرون أنه لما نزلت آية الاستئذان، قال بعض الصحابة يا رسول الله. كيف


(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٢٢٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>