للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: من في النار: موسى- عليه السلام-، ومن حولها: الملائكة الحاضرون ... وقيل الأول الملائكة، والثاني موسى، واستغنى بعضهم عن تقدير المضاف بجعل الظرفية مجازا عن القرب التام ... وأيا ما كان فالمراد بذلك بشارة موسى- عليه السلام-» «١» .

وقال الشوكانى: «ومذهب المفسرين أن المراد بالنار- هنا- النور» «٢» .

وقوله- تعالى-: وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من تتمة النداء، وخبر منه- تعالى- لموسى بالتنزيه. لئلا يتوهم من سماع كلامه- تعالى- التشبيه بما للبشر من كلام.

أى: وتنزه الله- عز وجل- وتقدس رب العالمين عن كل سوء ونقص ومماثلة للحوادث.

وقوله- سبحانه-: يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إعلام منه- عز وجل- لعبده موسى بأن المخاطب له، إنما هو الله- تعالى- الذي عز كل شيء وقهره وغلبه.

والذي أحكم كل شيء خلقه.

والضمير في قوله إِنَّهُ للشأن. وجملة أَنَا اللَّهُ مبتدأ وخبر والعزيز الحكيم صفتان لذاته- عز وجل-.

أى: يا موسى إن الحال والشأن إنى أنا الله العزيز الحكيم، الذي أخاطبك وأناجيك. فتنبه لما سآمرك به. ونفذ ما سأكلفك بفعله.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك بعض ما أمر به موسى- عليه السلام- فقال: وَأَلْقِ عَصاكَ.

والجملة الكريمة معطوفة على ما تضمنه النداء.

أى: نودي أن بورك من في النار ومن حولها ... ونودي أن ألق عصاك التي بيدك.

وقوله: فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ.. معطوف على كلام مقدر.

أى: فاستجاب موسى- عليه السلام- لأمر ربه فألقى عصاه فصارت حية، فلما رآها تهتز. أى: تضطرب وتتحرك بسرعة شديدة حتى لكأنها جَانٌّ في شدة حركتها وسرعة تقلبها وَلَّى مُدْبِراً عنها من الخوف وَلَمْ يُعَقِّبْ أى: ولم يرجع على عقبه. بل استمر في إدباره عنها دون أن يفكر في الرجوع إليها. يقال: عقب المقاتل. إذا كر على عدوه بعد الفرار منه.

والجان: الحية الصغيرة السريعة الحركة. أو الحية الكبيرة، والمراد هنا: التشبيه بها في


(١) تفسير الآلوسى ج ١٩ ص ١٦٠. [.....]
(٢) تفسير فتح القدير ج ٤ ص ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>