للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا التكريم من الله- تعالى- لنبيه، إلا أنه صلى الله عليه وسلّم كان يقسم بينهن إلى أن لحق بربه؟ عدا السيدة سودة، فإنها قد وهبت ليلتها لعائشة..

أخرج البخاري عن عائشة رضى الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن نزلت هذه الآية ترجى من تشاء منهن..

فقيل لها: ما كنت تقولين؟ فقالت: كنت أقول: إن كان ذاك إلىّ فإنى لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحدا «١» .

وقوله- تعالى-: وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ. زيادة في التوسعة عليه صلى الله عليه وسلّم وفي ترك الأمر لإرادته واختياره.

أى: أبحنا لك- أيها الرسول الكريم- أن تقسم بين نسائك، وأن تترك القسمة بينهن، وأبحنا لك- أيضا- أن تعود إلى طلب من اجتنبت مضاجعتها إذ لا حرج عليك في كل ذلك.

بعد أن فوضنا الأمر إلى مشيئتك واختيارك.

فالابتغاء بمعنى الطلب، وعزلت بمعنى اجتنبت واعتزلت وابتعدت، ومن شرطية، وجوابها: فَلا جُناحَ عَلَيْكَ أى: فلا حرج ولا إثم عليك في عدم القسمة بين أزواجك، وفي طلب إيواء من سبق لك أن اجتنبتها.

قال الشوكانى: والحاصل أن الله- سبحانه- فوض الأمر إلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم كي يصنع مع زوجاته ما شاء، من تقديم وتأخير، وعزل وإمساك، وضم من أرجأ، وإرجاء من ضم إليه، وما شاء في أمرهن فعل توسعة عليه، ونفيا للحرج عنه «٢» .

واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ، وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ.. يعود إلى ما تضمنه الكلام السابق من تفويض أمر الإرجاء والإيواء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأدنى بمعنى أقرب. وتَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ كناية عن تقبل ما يفعله معهن برضا وارتياح نفس. يقال قرت عين فلان، إذا رأت ما ترتاح لرؤيته، مأخوذ من القرار بمعنى الاستقرار والسكون..

وقوله: وَلا يَحْزَنَّ معطوف على أَنْ تَقَرَّ وقوله وَيَرْضَيْنَ معطوف عليه- أيضا-.


(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٣٧.
(٢) تفسير فتح القدير ج ٦ ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>