وقوله: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من قوله لَمُحْضَرُونَ وما بينهما جملة معترضة لتنزيه الله- تعالى- وتقديسه.
أى: والله لقد علمت الملائكة أن المشركين القائلين بهذا القول الفاسد لمحضرون إلى النار، ويدعّون إليها دعا، لكن عباد الله الذين أخلصوا له العبادة والطاعة ليسوا كذلك، بل هم ناجون من عذاب جهنم، لتنزيههم الخالق- عز وجل- عما لا يليق به.
ثم حقر- سبحانه- من شأن المشركين، ومن شأن آلهتهم المزعومة فقال: فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ. ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ. إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ.
وهذا الكلام يجوز أن يكون حكاية لما رد به الملائكة على المشركين الذين قالوا الإفك والزور قبل ذلك، ويجوز أن يكون كلاما مستأنفا من الله- تعالى- على سبيل الاستخفاف والتهكم بالمشركين وبآلهتهم.
والفاء في قوله فَإِنَّكُمْ واقعة في جواب شرط مقدر. و «الواو» في قوله وَما تَعْبُدُونَ للعطف على اسم إن، أو بمعنى مع. و «ما» موصولة أو مصدرية. و «ما» في قوله: ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ نافية والضمير في «عليه» يعود على الله- عز وجل- والجار والمجرور متعلق «بفاتنين» . والمراد بالفتن: هنا الإفساد، من قولهم: فلان فتن على فلان خادمه. إذا أفسده. وجملة «ما أنتم عليه بفاتنين» خبر إن.
و «صال» - بكسر اللام- اسم فاعل منقوص- كقاض- مضاف إلى ما بعده.
وحذفت ياؤه لالتقاء الساكنين.
والمعنى: إذا أدركتم- أيها المشركون- ما قلناه لكم. فثقوا أنكم أنتم وآلهتكم لن تستطيعوا أن تضلوا أحدا هداه الله- تعالى- لكنكم تستطيعون أن تضلوا من كان من أهل الجحيم مثلكم.
فالمقصود بهذه الآيات الكريمة، الاستخفاف بالمشركين وبآلهتهم، وبيان أن من هداه الله، تعالى- لا سلطان لهم عليه في إغوائه أو إضلاله.
قال صاحب الكشاف: والضمير في «عليه» لله- تعالى- ومعناه: فإنكم ومعبوديكم ما أنتم وهم جميعا بفاتنين على الله، إلا أصحاب النار الذين سبق في علمه أنهم لسوء أعمالهم يستوجبون أن يصلوها.
فإن قلت: كيف يفتنونهم على الله؟ قلت: يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهوائهم.