للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنين في زعمهم؟ كلا إن الله- تعالى- لم: يفعل شيئا من ذلك لأنه- سبحانه- غنى عن العالمين.

ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أى: أى شيء حدث لكم، وكيف أصدرتم هذه الأحكام الظاهرة البطلان عند كل من كان عنده أثر من عقل.

وقوله: أَفَلا تَذَكَّرُونَ. معطوف على كلام محذوف والتقدير: أتجهلون هذه الأمور الواضحة، فلا تعقلون ولا تتذكرون ولا تعتبرون.

وقوله- تعالى-: أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ. فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إضراب وانتقال من توبيخهم على جهالاتهم، إلى تحديهم وإثبات كذبهم.

أى: بل ألكم حجة واضحة على صحة هذا القول الذي قلتموه من أن الملائكة بنات الله؟

إن كانت عندكم هذه الحجة فأتوا بها إن كنتم صادقين فيما زعمتم.

فالمقصود بالآيتين الكريمتين تعجيزهم وإثبات المزيد من جهالاتهم وأكاذيبهم. ثم حكى- سبحانه- زعما آخر من زعمهم في شأن الملائكة فقال: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً، وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ.

والمراد بالجنة هنا: الملائكة. سمو بذلك لاجتنانهم واستتارهم عن الأعين.

أى: أن المشركين لم يكتفوا بما قالوا في الآيات السابقة، بل أضافوا إلى ذلك جريمة أخرى، وهي أنهم جعلوا بين الله- تعالى- وبين الملائكة نسبا، ولقد علمت الجنة، - أى الملائكة-، «إنهم» أى القائلون لهذه المقالة الباطلة «لمحضرون» أى: إلى العذاب يوم القيامة. ليذوقوا سوء عاقبة كذبهم.

قال القرطبي: أكثر أهل التفسير أن الجنة هاهنا الملائكة. عن مجاهد قال: قالوا- يعنى كفار قريش- الملائكة بنات الله، فقال لهم أبو بكر: فمن أمهاتهن؟ قالوا: مخدرات الجن ... ومعنى «نسبا» : مصاهرة. وقال قتادة: قالت اليهود إن الله صاهر الجن فكانت الملائكة من بينهن.

وقال الحسن: أشركوا الشيطان في عبادة الله، فهو النسب الذي جعلوه «١» .

ثم نزه- سبحانه- ذاته عما افتروه فقال: سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أى: تنزه الله- تعالى- وتقدس عما يقوله هؤلاء الجاهلون.


(١) تفسير القرطبي ج ١٥ ص ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>