دون الله- تعالى- لا يقضون بشيء أصلا، لأنهم لا يعلمون شيئا، ولا يقدرون على شيء، وإذا فهم أعجز وأتفه من أن يلتفت إليهم.
إِنَّ اللَّهَ- تعالى- هُوَ السَّمِيعُ لكل شيء الْبَصِيرُ بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
ثم وبخ- سبحانه- هؤلاء الظالمين على عدم اعتبارهم واتعاظهم بمن كان قبلهم فقال:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ.
أى: أبلغت الجهالة والغفلة وانطماس البصيرة بهؤلاء المشركين من قومك- يا محمد- أنهم لم يعتبروا ولم يتعظوا بالظالمين السابقين الذين دمرناهم تدميرا.
إنهم يمرون عليهم مصبحين وبالليل، وإنهم ليشاهدون آثارهم ماثلة أمام أعينهم، يشاهدون آثار قوم صالح، ويشاهدون آثار غيرهم.
ولقد كان هؤلاء السابقون الظالمون، أشد من مشركي قريش في القوة والبأس، وأشد منهم في إقامة المبانى الفارهة، والحصون الحصينة..
فلما استمروا في جحودهم وكفرهم، أخذهم الله- تعالى- أخذ عزيز مقتدر، بسبب ذنوبهم. وما كان لهم من دون الله- تعالى- من يدفع عنهم عذابه، أو يقيهم من بأسه.
ذلِكَ الأخذ من أسبابه بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: بالدلائل الواضحات على صدقهم فيما يبلغونهم عن ربهم.
فَكَفَرُوا أى: بالرسل وبما جاءوهم به فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أى: فأهلكهم- سبحانه- إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ أى: إنه- سبحانه- قوى لا يحول بين ما يريد أن يفعله حائل، شديد العقاب لمن كفر به، وأعرض عن دعوة رسله.
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت لنا أنواعا متعددة من مظاهر قدرة الله، ومن أهوال يوم القيامة، ومن علمه الشامل لكل شيء، ومن قضائه العادل ومن أخذه للظالمين أخذ عزيز مقتدر.
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون. فذكرت جانبا من التهديدات التي وجهها فرعون إلى موسى وقومه، وكيف أن موسى- عليه السلام- رد عليه ردا قويا حكيما، فقال- تعالى-: