واللام في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ.. موطئة للقسم. وقوله فَتَنَّا من الفتن بمعنى الاختبار والامتحان. يقال: فتنت الذهب بالنار، إذا أدخلته فيها لتعرف جودته من رداءته.
والمراد به هنا: إخبارهم وامتحانهم، بإرسال موسى- عليه السلام- وبالتوسعة عليهم تارة، وبالتضييق عليهم تارة أخرى.
والمعنى: والله لقد اختبرنا فرعون وقومه من قبل أن نرسلك- أيها الرسول الكريم- إلى هؤلاء المشركين، وكان اختبارنا وامتحاننا لهم عن طريق إرسال نبينا موسى إليهم، وعن طريق ابتلائهم بالسراء والضراء لعلهم يرجعون إلى طاعتنا، ولكنهم لم يرجعوا فأهلكناهم.
فالآية الكريمة المقصود بها تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، ببيان أن تكذيب الأقوام لرسلهم، حاصل من قبله، فعليه أن يتأسى بالرسل السابقين في صبرهم.
والمراد بالرسول الكريم في قوله: - تعالى-: وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ: موسى- عليه السلام-، فقد أرسله- سبحانه- إلى فرعون وقومه، فبلغهم رسالة ربه، ولكنهم كذبوه وعصوه..
ووصف- سبحانه- نبيه موسى بالكرم، على سبيل التشريف له، والإعلاء من قدره، فقد كان- عليه السلام- كليما لربه، ومطيعا لأمره، ومتحليا بأسمى الأخلاق وأفضلها.