للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَنْ في قوله- تعالى- أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ.. مفسرة لأن مجيء الرسول إليهم يتضمن معنى القول. وقوله: أَدُّوا إِلَيَّ بمعنى سلموا إلى، أو ضموا إلى ...

قوله: عِبادَ اللَّهِ مفعول به. والمراد بهم بنو إسرائيل.

والمعنى: جاء إلى فرعون وقومه رسول كريم، هو موسى- عليه السلام-، فقال لهم:

سلموا إلى بنى إسرائيل، وأطلقوهم من الذل والهوان، واتركوهم يعيشون أحرارا في هذه الدنيا.

ويؤيد هذا المعنى قوله- تعالى- في موضع آخر: فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ، فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ.. «١» .

ويصح أن يكون المراد بقوله أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ.. بمعنى: أن استجيبوا لدعوتى، والمراد بالعباد: ما يشمل بنى إسرائيل وغيرهم، ويكون لفظ عِبادَ اللَّهِ منصوب بحرف نداء محذوف.

وعليه يكون المعنى: أرسلنا إلى فرعون وقومه رسولا كريما، فجاء إليهم وقال لهم على سبيل النصح والإرشاد: يا عباد الله، إنى رسول الله إليكم، فاستمعوا إلى قولي، واتبعوا ما أدعوكم إليه من عبادة الله- تعالى- وحده، وترك عبادة غيره.

قال الآلوسى: قوله: أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ.. أى: أطلقوهم وسلموهم إلى، والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون يستعبدهم، والتعبير عنهم بعباد الله، للإشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه لهم..

أو أدوا إلى حق الله- تعالى- من الإيمان وقبول الدعوة يا عباد الله، على أن مفعول أَدُّوا محذوف، وعباد منادى، وهو عام لبنى إسرائيل والقبط والأداء بمعنى الفعل للطاعة- وقبول الدعوة..» «٢» .

وقوله- سبحانه-: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ تعليل لما تقدم. أى: استجيبوا لدعوتى، وأطيعوا أمرى، فإنى مرسل من الله- تعالى- إليكم، وأمين على الرسالة، لأنى لم أبدل شيئا مما كلفنى به ربي.

وقوله- سبحانه-: وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ.. معطوف على قوله: أَنْ أَدُّوا..

وداخل في حيز القول.


(١) سورة طه الآية ٤٧.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٥ ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>