٧- ثم أرسلت قريش رسلا آخرين إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم كان من بينهم، عروة بن مسعود الثقفي.. فكان مما قاله للرسول صلّى الله عليه وسلّم: يا محمد، أجمعت أوشاب الناس- أى:
أخلاطهم- ثم جئت بهم إلى أهلك.. إن قريشا قد تعاهدت أنك لن تدخل عليهم مكة عنوة..
وكان عروة خلال حديثه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمد يده إلى لحيته صلّى الله عليه وسلّم فكان المغيرة ابن شعبة يقرع يد عروة ويقول له: اكفف يدك عن وجه رسول الله قبل أن لا تصل إليك.
وشاهد عروة ما شاهد من احترام المسلمين لرسولهم صلّى الله عليه وسلّم فعاد إلى المشركين وقال لهم: يا معشر قريش، إنى قد جئت كسرى في ملكه، والنجاشيّ في ملكه، وإنى والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا، فروا رأيكم..
٨- ثم أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى قريش عثمان بن عفان- رضى الله عنه- لكي يخبرهم بأن المسلمين ما جاءوا لحرب، وإنما جاءوا للطواف بالبيت.
وذهب إليهم عثمان وأخبرهم بذلك، ولكنهم صمموا على منع المسلمين من دخول مكة، قالوا لعثمان: إن شئت أنت أن تطوف بالبيت فطف.
فقال لهم: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وطال مكث عثمان عند قريش، حتى أشيع بين المسلمين أنه قد قتله المشركون.
فقال صلّى الله عليه وسلّم حين بلغه أن عثمان قد قتل: «لا نبرح حتى نناجز القوم» ودعا المسلمين إلى مبايعته على الموت، فبايعه المسلمون على ذلك تحت شجرة الرضوان ...
ثم جاء عثمان بعد ذلك دون أن يصيبه أذى ...
٩- وأخيرا أوفدت قريش إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلا منهم اسمه سهيل بن عمرو، ليعقد صلحا مع المسلمين، وقالوا له: ائت محمدا فصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فو الله لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا..
وعند ما رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم سهيلا مقبلا نحوه، قال لأصحابه: لقد سهل الله لكم من أمركم، إن قريشا أرادت الصلح حين بعثت هذا الرجل.
وتم الصلح بين الفريقين على ما يأتى:
أولا: أن يرجع المسلمون دون زيارة البيت هذا العام، فإذا كان العام التالي: أخلت قريش لهم مكة ثلاثة أيام، ليطوفوا بالبيت، وليس معهم إلا السيوف في غمدها..