النشاط، يقال: فكه الرجل فكها، وفكاهة فهو فكه وفاكه. إذا طاب عيشه، وزاد سروره، وعظم نشاطه، وسميت الفاكهة بهذا الاسم لتلذذ الإنسان بها.
بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ أى متلذذين بسبب ما آتاهم ربهم من جنات عظيمة، ووقاهم- سبحانه- بفضله ورحمته العذاب الذي يؤلمهم.
ويقال لهم فضلا عن ذلك على سبيل التكريم: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً أى: كلوا أكلا مريئا، واشربوا شربا هنيئا. والهنيء من المأكول والمشروب: مالا يلحقه تعب أو سوء عاقبة.
وقوله: مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ منصوب على الحال من فاعل كُلُوا أو من الضمير المستكن في قوله جَنَّاتٍ.
أى: هم في جنات عظيمة، حالة كونهم متكئين فيها على سرر موضوعة على صفوف منتظمة، وعلى خطوط مستوية، والسّرر: جمع سرير وهو ما يجلس عليه الإنسان للراحة.
وقوله: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ بيان لنعمة أخرى من النعم التي يتلذذون بها.
أى: وفضلا عن كل ذلك، فقد زوجناهم بنساء جميلات.
وبذلك نرى أن هؤلاء المتقين، قد أكرمهم الله- تعالى- بكل أنواع النعيم، من مسكن طيب، ومأكل كريم، ومشرب هنيء، وأزواج مطهرات من كل سوء.
ثم بين- سبحانه- أنواعا أخرى من تكريمه- تعالى- لهم، فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.
والآية الكريمة بيان لحال طائفة من أهل الجنة- وهم الذين شاركتهم ذريتهم الأقل عملا منهم في الإيمان- إثر بيان حال المتقين بصفة عامة.
والاسم الموصول مبتدأ، وخبره جملة أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ. والمراد بالذرية هنا:
ما يشمل الآباء والأبناء وقوله: وَاتَّبَعَتْهُمْ معطوف على آمَنُوا. وقوله بِإِيمانٍ متعلق بالاتباع، والباء للسببية أو بمعنى في.
ومعنى: أَلَتْناهُمْ أنقصناهم. يقال: فلان ألت فلانا حقه يألته- من باب ضرب- إذا بخسه حقه.
والمعنى: والذين آمنوا بنا حق الإيمان واتبعتهم ذريتهم في هذا الإيمان، ألحقنا بهم ذريتهم، بأن جمعناهم معهم في الجنة، وما نقصنا هؤلاء المتبوعين شيئا من ثواب أعمالهم، بسبب إلحاق ذريتهم بهم في الدرجة، بل جمعنا بينهم في الجنة. وساوينا بينهم في العطاء- حتى ولو كان