وقوله- تعالى-: وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ. أى: ما قصة هؤلاء القوم؟ وما حالهم؟ وما جزاؤهم؟ ..
ثم بين- سبحانه- ذلك فقال: فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ والسموم: الريح الشديدة الحرارة. التي تدخل في مسام الجسد، فكأنها السم القاتل.
والحميم: الماء الذي بلغ النهاية في الغليان. أى: هم في الآخرة مستقرون فيما يهلكهم من الريح الحارة، والماء الشديد الغليان.
وهم كذلك في ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ أى: في دخان أسود شديد يخنق أنفاسهم، والعرب يقولون لكل شيء شديد السواد: أسود يحموم، مأخوذ من الشيء الأحم، وهو الأسود من كل شيء، ومثله الحمم.
ومِنْ في قوله: مِنْ يَحْمُومٍ للبيان. إذ الظل هنا هو نفس اليحموم وتسميته ظلا من باب التهكم بهم.
وقوله- تعالى-: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ صفتان للظل. أى: هذا الظل لا شيء فيه من البرودة التي يستروح بها من الحر. ولا شيء فيه من النفع لمن يأوى إليه.
فهاتان الصفتان لبيان انتفاء البرودة والنفع عنه، ومتى كان كذلك انتفت عنه صفات الظلال التي يحتاج إليها.
قال صاحب الكشاف: قوله- تعالى-: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ نفى لصفتى الظل عنه، يريد أنه ظل ولكن لا كسائر الظلال سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوى إليه من أذى الحر، ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه. والمعنى: أنه ظل حار ضار، إلا أن للنفي في نحو هذا شأنا ليس للإثبات، وفيه تهكم بأصحاب المشأمة، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم، الذي هو لأضدادهم في الجنة.. «١» .