على لسان رسولكم صلى الله عليه وسلم من الحق الذي يتمثل في القرآن الكريم، وفي كل ما أوحاه- سبحانه- إلى رسوله.
فالمقصود من هذه الجملة الكريمة، تصوير هؤلاء الكافرين، بما ينفر المؤمنين من إلقاء المودة إليهم.
وقوله- تعالى-: يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ بيان لسبب آخر من الأسباب التي تدعو المؤمنين إلى مقاطعة أعدائهم الكافرين.
وجملة: يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ يصح أن تكون مستأنفة لبيان كفرهم، أو في محل نصب حال من فاعل كَفَرُوا وقوله: وَإِيَّاكُمْ معطوف على الرسول، وقدم عليهم على سبيل التشريف لمقامه صلى الله عليه وسلم وجملة أَنْ تُؤْمِنُوا في محل نصب مفعول لأجله.
أى: أن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بكفرهم بما جاءكم- أيها المؤمنون- من الحق، بل تجاوزوا ذلك إلى محاولة إخراج رسولكم صلى الله عليه وسلم وإخراجكم من مكة، من أجل إيمانكم بالله ربكم، وإخلاصكم العبادة له- تعالى- وأسند- سبحانه- محاولة الإخراج إلى جميع الأعداء، لأنهم كانوا راضين بهذا الفعل.
ومتواطئين على تنفيذه بعضهم عن طريق التخطيط له، وبعضهم عن طريق التنفيذ الفعلى.
والمتأمل في هذه الجمل الكريمة، يراها قد ساقت أقوى الأسباب وأعظمها، للتشنيع على مشركي قريش، ولإلهاب حماس المؤمنين من أجل عدم إلقاء المودة إليهم.
وجواب الشرط في قوله- تعالى-: إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي محذوف لدلالة ما قبله عليه أى: إن كنتم- أيها المؤمنون- قد خرجتم من مكة من أجل الجهاد في سبيلي، ومن أجل طلب مرضاتي، فاتركوا اتخاذ عدوى وعدوكم أولياء، واتركوا مودتهم ومصافاتهم.
فالمقصود من الجملة الكريمة، زيادة التهييج للمؤمنين، حتى لا يبقى في قلوبهم أى شيء من المودة نحو الكافرين.
وقوله- سبحانه-: تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ بدل من قوله- تعالى-: قبل ذلك:
تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ. بدل بعض من كل. لأن إلقاء المودة أعم من أن تكون في السر أو في العلن.
ويصح أن يكون بدل اشتمال، لأن الإسرار إليهم بالمودة، مما اشتمل عليه إلقاء المودة إليهم.