وظاهر الآية يؤيد القول بالإيجاب لقوله- تعالى-: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ لأن هذه الجملة الكريمة تشعر بأن هناك يمينا تحتاج إلى كفارة.
وقد جاء في بعض الروايات الصحيحة أنه قال: «بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت. لا تخبري بذلك أحدا ... » .
قال الآلوسى ما ملخصه: واختلفوا هل كفر النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه هذه أولا؟
فعن الحسن أنه صلى الله عليه وسلم لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين.
وعن مقاتل: أنه صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة ... ونقل مالك عن زيد بن أسلم أنه صلى الله عليه وسلم أعطى الكفارة «١» .
وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ أى: وهو- سبحانه- سيدكم ومتولى أموركم وناصركم. وهو- تعالى-: الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ أى: العليم بجميع أحوالكم وشئونكم، الحكيم في كل أقواله وأفعاله وتدبير شئون عباده.
والظرف في قوله- تعالى- وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً متعلق بمحذوف تقديره اذكر، وقوله: أَسَرَّ من الإسرار بالشيء بمعنى كتمانه وعدم إشاعته.
والمراد ببعض أزواجه: حفصة- رضى الله عنها-.
والمراد بالحديث قوله لها- كما جاء في بعض الروايات-: «بل شربت عسلا عند زينب، ولن أعود، وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا ... » .
أو قوله لها في شأن مارية: «إنى قد حرمتها على نفسي، فاكتمي ذلك فأخبرت بذلك عائشة» .
أى: واذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- وقت أن أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجه حفصة حديثا، يتعلق بشربه العسل في بيت زينب بنت جحش، وقوله صلى الله عليه وسلم لحفصة لا تخبري بذلك أحدا» .
فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ أى: فلما أخبرت حفصة عائشة بهذا الحديث الذي أمرت بكتمانه وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أى: وأطلع الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالته حفصة لعائشة.
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ١٤٨.