ثم يكرر- سبحانه- النهى للنبي صلى الله عليه وسلم عن طاعة كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم..
فيقول: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ.
وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآيات الكريمة، نزلت في الوليد بن المغيرة.. وقيل:
إنها نزلت في الأخنس بن شريق..
والآيات الكريمة يشمل النهى فيها كل من هذه صفاته، ويدخل فيها الوليد بن المغيرة، والأخنس بن شريق.. دخولا أوليا.
أى: ولا تطع- أيها الرسول الكريم- كل من كان كثير الحلف بالباطل، وكل من كان مهينا، أى: حقيرا ذليلا وضيعا. من المهانة، وهي القلة في الرأى والتمييز.
هَمَّازٍ أى: عياب للناس، أو كثير الاغتياب لهم، من الهمز، وأصله: الطعن في الشيء بعود أو نحوه، ثم استعير للذي يؤذى الناس بلسانه وبعينه وبإشارته، ويقع فيهم بالسوء، ومنه قوله- تعالى-: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ.
مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ أى: نقّال للحديث السّيّئ لكي يفسد بين الناس.. والنميم والنميمة مصدران بمعنى السعاية والإفساد. يقال: نمّ فلان الحديث- من بابى قتل وضرب- إذا سار بين الناس بالفتنة. وأصل النم: الهمس والحركة الخفيفة ثم استعملت في السعى بين الناس بالفساد على سبيل المجاز.
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ أى: هو شديد المنع لكل ما فيه خير، ولكل من يستحقه، خصوصا إذا كان من يستحقه من المؤمنين.
ثم هو بعد ذلك مُعْتَدٍ أى: كثير العدوان على الناس أَثِيمٍ أى: مبالغ في ارتكابه للآثام، لا يترك سيئة دون أن يرتكبها.
وقد جاءت صفات الذم السابقة بصيغة المبالغة، للإشعار برسوخه فيها، وباقترافه لها بسرعة وشدة.
عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ والعتل: هو الجاف الغليظ، القاسي القلب: الفظ الطبع، الأكول الشروب.. بدون تمييز بين حلال وحرام. مأخوذ من عتله يعتله- بكسر التاء وضمها- إذا جره بعنف وغلظة..
والزنيم هو اللصيق بالقوم دون أن يكون منهم، وإنما هو دعى فيهم، حتى لكأنه