وقرأ نافع وأهل المدينة لَيُزْلِقُونَكَ- بفتح الياء- من زلق عن موضعه.
وإِنْ هي المخففة من الثقيلة، - واسمها ضمير الشأن محذوف، و «لما» ظرفية منصوبة بيزلقونك. أو هي حرف، وجوابها محذوف لدلالة ما قبلها عليه. أى: لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك ... «١» .
أى: وإن يكاد الذين كفروا ليهلكونك، أو ليزلون قدمك عن موضعها، أو ليصرعونك بأبصارهم من شدة نظرهم إليك شزرا، بعيون ملؤها العداوة والبغضاء حين سمعوا الذكر، وهو القرآن الكريم..
وَيَقُولُونَ على سبيل البغض لك إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ أى: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لمن الأشخاص الذين ذهبت عقولهم..
وَما هُوَ أى: القرآن الذي أنزلناه عليك إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أى: تذكير بالله- تعالى- وبدينه وبهداياته.. وشرف لهم وللعالمين جميعا.
وجاء قوله يَكادُ بصيغة المضارع، للإشارة إلى استمرار ذلك في المستقبل.
وجاء قوله سَمِعُوا بصيغة الماضي، لوقوعه مع لَمَّا، وللإشعار بأنهم قد حصل منهم هذا القول السّيئ..
وجاء قوله لَيُزْلِقُونَكَ بلام التأكيد للإشعار بتصميمهم على هذه الكراهية، وحرصهم عليها.
وقوله- سبحانه-: وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ رد على أكاذيبهم، وإبطال لأقوالهم الزائفة، حيث وصفوه صلى الله عليه وسلم بالجنون، لأنه إذا كان ما جاء به شرف وموعظة وهداية وتذكير بالخير للناس.. لم يكن معقولا أن يكون مبلغه مجنونا.
ومنهم من فسر قوله- تعالى-: لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ.. أى: ليحسدونك عن طريق النظر الشديد بعيونهم..
قال الإمام ابن كثير: وقوله: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: لَيُزْلِقُونَكَ: لينفذونك بأبصارهم، أى: ليعينوك بأبصارهم، بمعنى ليحسدونك لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك، وحمايتك منهم.
وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله- عز وجل-، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
(١) تفسير فتح القدير ج ٥ ص ٢٧٧ للشوكانى.