وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات روايات منها ما أخرجه الشيخان والترمذي، عن ابن عباس أنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ بنخلة، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: مالكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما ذاك إلا لشيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر- من الجن- الذي أخذوا نحو تهامة، عامدين إلى سوق عكاظ، فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم بنخلة يصلى بأصحابه صلاة الصبح، فلما سمعوا القرآن، استمعوا إليه وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء.
فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا، إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدى الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا، وأنزل الله- تعالى- على نبيه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ....
وروى أبو داود عن علقمة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتانى داعي الجن، فذهبت معهم، فقرأت عليهم القرآن..
وهناك رواية ثالثة لابن إسحاق ملخصها: أنه لما مات أبو طالب، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من أهلها ويدعوهم إلى الإيمان.. فأغروا به سفهاءهم، يسبونه ويستهزئون به..
فانصرف صلى الله عليه وسلم عنهم، حتى إذا كان ببطن نخلة- هو موضع بين مكة والطائف- قام يصلى من الليل، فمر به نفر من جن نصيبين- وهو موضع قرب الشام- فاستمعوا إليه، فلما فرغ من صلاته، ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، فقص الله- تعالى- خبرهم عليه..
وهناك روايات أخرى في عدد هؤلاء الجن، وفي الأماكن التي التقوا فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيما قرأه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم، وفيمن كان معه من الصحابة خلال التقائه بهم..