للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يرسل إلى الغير من كلام أو كتاب. والمراد بها هنا: تبليغ ما أوحاه الله- تعالى- إلى نبيه للناس.

قال الآلوسى ما ملخصه وقوله: إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ.... استثناء من مفعول لا أملك ...

وما بينهما اعتراض ... فإن كان المعنى: لا أملك أن أضركم ولا أن أنفعكم، كان استثناء متصلا، كأنه قيل: لا أملك شيئا إلا بلاغا، وإن كان المعنى: لا أملك أن أقسركم على الغي والرشد، كان منقطعا، أو من باب: لا عيب فيهم غير أن سيوفنا ... أى: أنه من أسلوب تأكيد الشيء بما يشبه ضده، وقوله وَرِسالاتِهِ عطف على قوله بَلاغاً وقوله:

مِنَ اللَّهِ متعلق بمحذوف وقع صفه له. أى: بلاغا كائنا من الله ... «١» .

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك سوء عاقبة من يخالف أمره فقال: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فيما أمرا به، أو نهيا عنه.

فَإِنَّ لَهُ أى: لهذا العاصي نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً أى: فحكمه أن له نار جهنم، وجمع- سبحانه- خالدين باعتبار معنى «من» ، كما أن الإفراد في قوله فَإِنَّ لَهُ باعتبار لفظها.

وقوله: «أبدا» مؤكد لمعنى الخلود. أى: خالدين فيها خلودا أبديا لا نهاية له.

وقوله- سبحانه-: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً تهديد ووعيد للكافرين بسبب استهزائهم بالمؤمنين، فقد حكى القرآن عن الكفار أنهم قالوا: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ وقالوا: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

وحَتَّى هنا حرف ابتداء. وهي متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام، وهو سخرية الكافرين من المؤمنين. وإِذا اسم زمان للمستقبل مضمن معنى الشرط، وهي في محل نصب بجوابه الذي هو قوله فَسَيَعْلَمُونَ.

والمعنى: أن هؤلاء الكفار لا يزالون على ما هم عليه من غرور وعناد وجحود ... حتى إذا رأوا ما يوعدون من العذاب في الدنيا والآخرة فَسَيَعْلَمُونَ حينئذ من هو أضعف جندا وأقل عددا، أهم المؤمنون- كما يزعم هؤلاء الكافرون-؟ أم أن الأمر سيكون على العكس؟ لا شك أن الأمر سيكون على العكس، وهو أن الكافرين في هذا اليوم سيكونون في غاية الضعف والذلة والهوان.


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٩ ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>