للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام كقوله- تعالى- فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ فهي صلة تزاد لتأكيد القسم، مثلها في قوله- تعالى-: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ لتأكيد العلم.. «١» .

ومنها: أن «لا» هنا، جيء بها لنفى ورد كلام المشركين المنكرين ليوم القيامة، فكأنه- تعالى- يقول: لا، ليس الأمر كما زعموا، ثم قال: أقسم بيوم القيامة الذي يبعث فيه الخلق للجزاء.

قال القرطبي: وذلك كقولهم: لا والله لا أفعل. فلا هنا رد لكلام قد مضى، وذلك كقولك: لا والله إن القيامة لحق، كأنك أكذبت قوما أنكروها.. «٢» .

ومنها: أن «لا» في هذا التركيب وأمثاله على حقيقتها للنفي، والمعنى لا أقسم بيوم القيامة ولا بغيره، على أن البعث حق، فإن المسألة أوضح من أن تحتاج إلى قسم.

وقد رجح بعض العلماء القول الأول فقال: وصيغة لا أقسم، صيغة قسم، أدخل حرف النفي على فعل «أقسم» لقصد المبالغة في تحقيق حرمة المقسم به، بحيث يوهم للسامع أن المتكلم يهم أن يقسم به، ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول: لا أقسم به، أى:

ولا أقسم بأعز منه عندي. وذلك كناية عن تأكيد القسم «٣» .

والمراد بالنفس اللوامة: النفس التقية المستقيمة التي تلوم ذاتها على ما فات منها، فهي- مهما أكثرت من فعل الخير- تتمنى أن لو ازدادت من ذلك، ومهما قللت من فعل الشر، تمنت- أيضا- أن لو ازدادت من هذا التقليل.

قال ابن كثير: عن الحسن البصري في هذه الآية: إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه، يقول: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتى؟ ... وإن الفاجر يمضى قدما ما يعاتب نفسه.

وفي رواية عن الحسن- أيضا- ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا يلوم نفسه يوم القيامة» «٤» .

وجواب القسم يفهم من قوله- تعالى- بعد ذلك: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ. والمراد بالإنسان: جنسه. أو المراد به الكافر المنكر للبعث. والاستفهام للتوبيخ والتقريع.


(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٩ ص ١٣٥.
(٢) راجع تفسير القرطبي ج ١٩ ص ٩٢.
(٣) تفسير التحرير والتنوير ج ٢٩ ص ٣٣٨ للشيخ محمد الطاهر بن عاشور.
(٤) تفسير ابن كثير ج ٨ ص ٣٠٠. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>