أى: فَأَمَّا مَنْ طَغى بأن تجاوز الحدود في الكفر والفسوق والعصيان وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا بأن قدم متاعها الفاني، على نعيم الآخرة الخالد ...
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى أى: فإن مصير هذا الإنسان الشقي سيكون إلى النار الملتهبة، لا منزل له سواها في هذا اليوم.
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أى: خاف عظمته وجلاله، وسلح نفسه بالإيمان والعمل الصالح استعدادا لهذا اليوم الذي يجازى فيه كل إنسان بما يستحقه.
وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى أى: وزجر نفسه وكفها عن السيئات والمعاصي والميول نحو الأهواء الضالة المضلة.
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى أى: فإن الجنة في هذا اليوم، ستكون هي مأواه ومنزله ومستقره ...
ثم لقن الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم الجواب الذي يرد به على المشركين، الذين كانوا يكثرون من سؤاله عن يوم القيامة، على سبيل الإنكار والاستهزاء، فقال- تعالى-:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها.
وأيان: اسم يستفهم به عن تعيين الوقت وتحديده، فهو ظرف زمان متضمن معنى «متى» ومرساها: مصدر ميمى من أرسى الشيء إذا ثبته وأقره، ولا يكاد يستعمل هذا اللفظ إلا في الشيء الثقيل، كما في قوله- تعالى-: وَالْجِبالَ أَرْساها....
ونسبة الإرساء إلى الساعة، باعتبار تشبيه المعاني بالأجسام. و «أيان» خبر مقدم، و «مرساها» مبتدأ مؤخر.
والمعنى: يسألك يا محمد هؤلاء القوم عن وقت قيام الساعة، قائلين لك: متى يكون استقرارها وإرساؤها ووقوعها؟.
وأطلق على يوم القيامة ساعة لوقوع بغتة، أو لسرعة ما فيه من الحساب، أو لأنه على طوله، زمان يسير عند الله- تعالى-.
وقوله- سبحانه-: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها. إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها واقع موقع الجواب عن سؤالهم عن الساعة، وعن وقت وقوعها.
والمقصود بهذا الجواب توبيخهم على إلحاحهم في السؤال عنها، مع أن الأولى بهم كان الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح.
و «ما» في قوله فِيمَ اسم استفهام بمعنى: أى شيء، وهي هنا مستعملة في التعجيب