للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، تقديره: ليدمدمنّ الله عليهم، أى: على مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دمدم على قبيلة ثمود لأنهم كذبوا صالحا- عليه السلام- وأما قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها فكلام تابع لقوله: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء.. «١» .

وقد أقسم الله- تعالى- بهذه الكائنات المختلفة، والتي لها مالها من المنافع بالنسبة للإنسان وغيره، لتأكيد وحدانيته، وكمال قدرته، وبليغ حكمته.

وبدأ- سبحانه- بالشمس، لأنها أعظم هذه الكائنات، وللتنويه بشأن الإسلام، وأن هديه كضياء الشمس، الذي لا يترك للظلام أثرا.

وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات بعض الأحاديث، منها ما رواه الطبراني عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهذه الآية:

وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وقف ثم قال: «اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها. وخير من زكاها» . وعن أبى هريرة رضى الله عنه. قال: سمعت النبي يقرأ فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قال: «اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها» «٢» .

وبعد هذا الحديث الطويل المؤكد بالقسم، والدال على وحدانيته، وبديع صنعه.. أتبع ذلك ببيان ما حل بالمكذبين السابقين، ليكون هذا البيان عبرة وعظة للمشركين المعاصرين للنبي، فقال- تعالى-: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها. إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها. فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها. فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها. فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها. وَلا يَخافُ عُقْباها.

والمراد بثمود: تلك القبيلة التي أرسل الله- تعالى- إلى أهلها صالحا- عليه السلام- لكي يأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده. ومفعول «كذبت» محذوف للعلم به.

والباء في قوله «بطغواها» للسببية، والطّغوى: اسم مصدر من الطغيان، وهو مجاوزة الحد المعتاد.

أى: كذبت قبيلة ثمود- نبيهم صالحا- عليه السلام بسبب طغيانهم وإفراطهم في الجحود


(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٧٦٠.
(٢) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>