للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحذف المفعول الثاني في قوله: يُعْطِيكَ، ليعم كل وجوه العطاء التي يحبها صلى الله عليه وسلم أى: ولسوف يعطيك ربك عطاء يرضيك رضاء تاما.

والتعبير بقوله فَتَرْضى المشتمل على فاء التعقيب، للإشعار بأنه عطاء عاجل النفع، وأنه سيأتى إليه صلى الله عليه وسلم في وقت قريب، وقد أنجز- سبحانه- وعده.

قال الجمل: وقوله- سبحانه-: وَلَلْآخِرَةُ اللام فيه للابتداء مؤكدة لمضمون الجملة. وإنما قيد بقوله- تعالى- لَكَ لأنها ليست خيرا لكل أحد. وقوله:

وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ ... هذا وعد شامل لما أعطاه الله- تعالى- له من كمال النفس، وظهور الأمر، وإعلاء الدين.. واللام لام الابتداء، والمبتدأ محذوف، أى: ولأنت سوف يعطيك ربك، وليست لام القسم، لأنها لا تدخل على المضارع، إلا مع نون التوكيد.. «١» .

ثم عدد- سبحانه- نعمه على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ...

والاستفهام هنا للتقرير، واليتيم: هو من فقد أباه وهو صغير.

أى: لقد كنت- أيها الرسول الكريم- يتيما، حيث مات أبوك وأنت في بطن أمك، فآواك الله- تعالى- بفضله وكرمه، وتعهدك برعايته وحمايته وعصمته، وسخر لك جدك عبد المطلب ليقوم بكفالتك، ومن بعده سخر لك عمك أبا طالب، حيث تولى رعايتك والدفاع عنك قبل الرسالة وبعدها، إلى أن مات.

وقوله- تعالى- وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى بيان لنعمة أخرى أنعم- سبحانه- بها على نبيه صلى الله عليه وسلم:

وللمفسرين في معنى هذه الآية كلام طويل، نختار منه قولين: أولهما: أن المراد بالضلال هنا الحيرة في الوصول إلى الحق، والغفلة عما أوحاه الله- تعالى- إليه بعد ذلك من قرآن كريم، ومن تشريعات حكيمة.. مع اعتقاده صلى الله عليه وسلم قبل النبوة أن قومه ليسوا على الدين الحق، بدليل أنه لم يشاركهم في عبادتهم للأصنام، ولا في السلوك الذي يتنافى من مكارم الأخلاق.

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: ضَالًّا معناه: الضلال عن علم الشرائع وما طريقه السمع.. «٢» .


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٥٥١.
(٢) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٧٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>