وجرائم في الدنيا، سيكون حالهم يوم القيامة أسوأ حال وسيكون مصيرهم أشنع مصير، فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.
ثم نهت السورة الكريمة المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء يلقون إليهم بالمودة، وذكرتهم بأن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا السماء، وأنه- سبحانه- سيحاسب كل نفس بما كسبت يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً.
فإذا ما طالعت- أيها القارئ الكريم- الربعين: الثالث والرابع منها، وجدت فيهما حديثا حكيما عن آل عمران.
قد تحدثت السورة الكريمة عما قالته امرأة عمران- أم مريم- عند ما أحست بالحمل في بطنها، وعما قالته عند ما وضعت حملها.
وتحدثت عن الدعوات الخاشعات التي تضرع بها زكريا إلى ربه، سائلا إياه الذرية الطيبة، وكيف أن الله- تعالى- أجاب له دعاءه فبشره بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.
وتحدثت عن اصطفاء الله- تعالى- لمريم وتبشيرها بعيسى- عليه السّلام- وتعجبها من أن يكون لها ولد دون أن يمسها بشر وكيف أن الله- تعالى- قد رد عليها بما يزيل عجبها.
وتحدثت عن الصفات الكريمة، والمعجزات الباهرة التي منحها الله- تعالى- لعيسى- عليه السّلام- وعن دعوته للناس إلى عبادة الله وحده وعن موقف أعدائه منه وعن صيانة الله له من مكرهم وعن تشابه عيسى وآدم في شأن خلقهما بدون أب.. وكيف أن الله- تعالى- أمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يتحدى كل من يجادله بالباطل في شأن عيسى فقال: