للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحد، جبريل واحد فلا يجوز أن يحمل تأويل القرآن إلا على الأظهر الأكثر من الكلام المستعمل في ألسن العرب دون الأقل ما وجدنا إلى ذلك سبيلا، ولم تضطرنا حاجة إلى صرف ذلك إلى أنه بمعنى واحد فيحتاج له إلى طلب المخرج بالخفي من الكلام والمعاني» «١» .

وقوله وَهُوَ قائِمٌ جملة حالية من مفعول النداء، و «يصلى» حال من الضمير المستكن في قائم أو حال أخرى من مفعول النداء على القول بجواز تعدد الحال، وقوله فِي الْمِحْرابِ متعلق بيصلى. والمراد بالمحراب هنا المسجد، أو المكان الذي يقف فيه الإمام في مقدمة المسجد.

وقرأ جمهور القراء: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بفتح همزة أن- على أنه في محل جر بباء محذوفه.

أى: نادته الملائكة بأن الله يبشرك بيحيى.

وقرأ ابن عامر وحمزة: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ- بكسر الهمزة- على تضمين النداء معنى القول، أى: قالت له الملائكة إن الله يبشرك بيحيى.

وقوله: بِيَحْيى متعلق بيبشرك، وفي الكلام مضاف أى يبشرك بولادة يحيى، لأن الذوات ليست متعلقا للبشارة.

وفي اقتران التبشير بالتسمية بيحيى، إشعار بأن ذلك المولود سيحيا اسمه وذكره بعد موته، وبذلك تتحقق الإجابة لدعاء زكريا تحققا تاما، فقد حكى القرآن عنه في سورة مريم أنه قال:

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا قال الجمل: و «يحيى، فيه قولان:

أحدهما: وهو المشهور عند أهل التفسير أنه منقول من الفعل المضارع، وقد سموا بالأفعال كثيرا نحو يعيش ويعمر.. وعلى هذا فهو ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، نحو يزيد ويشكر وتغلب.

والثاني: أنه أعجمى لا اشتقاق له، وهذا هو الظاهر، فامتناعه من الصرف للعلمية والعجمة» «٢» .

ثم وصف الله- تعالى- يحيى- عليه السّلام- بأربع صفات كريمة فقال: مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ. وَسَيِّداً. وَحَصُوراً. وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ فالصفة الأولى: من صفات يحيى- عليه السّلام- أنه كان مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وللعلماء في تفسير هذه الجملة الكريمة اتجاهان:


(١) تفسير ابن جرير ج ٣ ص ٢٥٠. [.....]
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>