للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت لا يهمها شأن الإسلام انتصر أو انهزم ولا شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه. وإنما الذي كان يهمها هو شيء واحد وهو أمر نفسها وما يتعلق بذلك من الحصول على الغنائم ومتع الدنيا.

أو المعنى: أن هذه الطائفة قد أوقعت نفسها في الهم والحزن بسبب عدم اطمئنانها وعدم صبرها، وجزعها المستمر.

وإلى هذين المعنيين أشار صاحب الكشاف بقوله: قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ أى: ما يهم إلا هم أنفسهم، لا هم الدين ولا هم الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين. وقد أوقعتهم أنفسهم وما حل بهم في الهموم والأشجان فهم في التشاكى والتباكي» «١» .

والجملة الكريمة مستأنفة مسوقة لبيان حال ضعاف الإيمان بعد أن بين- سبحانه- ما امتن به على أقوياء الإيمان.

وقوله: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ وصف آخر لسوء أخلاق هذه الطائفة التي ضعف إيمانها، وصارت لا يهمها إلا ما يتعلق بمنافعها الخاصة.

أى أن هذه الطائفة لم تكتف بما استولى عليها من طمع وجشع وحب لنفسها بل تجاوزت ذلك إلى سوء الظن بالله بأن توهمت بأن الله- تعالى- لن ينصر رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأن الإسلام ليس دينا حقا وأن المسلمين لن ينتصروا على المشركين بعد معركة أحد.. إلى غير ذلك من الظنون الباطلة التي تتولد عند المرء الذي ضعف إيمانه وصار لا يهمه إلا أمر نفسه.

وقوله يَظُنُّونَ بِاللَّهِ حال من الضمير المنصوب في أَهَمَّتْهُمْ أو استئناف على وجه البيان لما قبله.

وقوله غَيْرَ الْحَقِّ مفعول مطلق وصف لمصدر محذوف أى يظنون بالله ظنا غير الحق الذي يجب أن يتحلى به المؤمنون إذ من شأن المؤمنين الصادقين أن يستسلموا لقدر الله بعد أن يباشروا الأسباب التي شرعها لهم: وأن يصبروا على ما أصابهم وأن يوقنوا بأن ما أصابهم هو بتقدير الله وبحكمته وبإرادته وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ.

وقوله ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ بدل أو عطف بيان مما قبله.

أى يظنون بالله شيئا هو من شأن أهل الجاهلية الذين يتوهمون أن الله لا ينصر رسله ولا يؤيد أولياءه ولا يهزم أعداءه.

ثم بين- سبحانه- ما صدر عنهم من كلام باطل بسبب ظنونهم السيئة فقال- تعالى-


(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٤٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>