يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ. والاستفهام للإنكار بمعنى النفي، وهم يريدون بهذا القول تبرئة نفوسهم من أن يكونوا سببا فيما أصاب المسلمين من آلام يوم أحد، وأن الذين تسببوا في ذلك هم غيرهم.
أى: يقول بعضهم لبعض ليس لنا من الأمر شيء أى شيء فلسنا مسئولين عن الهزيمة التي حدثت للمسلمين في أحد لأننا لم يكن لنا رأى يطاع ولأن الله- تعالى- لو أراد نصر محمد صلّى الله عليه وسلّم لنصره.
وهذا القول قاله عبد الله بن أبى بن سلول حين أخبروه بمن استشهد من قبيلة الخزرج في غزوة أحد.
وذلك أن عبد الله بن أبى لما استشاره النبي صلّى الله عليه وسلّم في شأن الخروج لقتال المشركين في أحد أشار عليه بأن لا يخرج من المدينة، إلا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم خرج لقتال المشركين بناء على إلحاح بعض الصحابة.
فلما أخبر ابن أبى بمن قتل من الخزرج قال: هل لنا من الأمر شيء؟ يعنى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يقبل قوله حين أشار عليه بعدم الخروج من المدينة.
وقد أمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يرد على هؤلاء الظانين بالله ظن السوء بقوله: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ.
أى قل لهم إن تقدير الأمور كلها الله- تعالى- وحده وإن العاقبة ستكون للمتقين، إلا أنه- سبحانه- قد جعل لكل شيء سببا، فمن أخلص الله في جهاده وباشر الأسباب التي شرعها للنصر نصره الله- تعالى- ومن تطلع إلى الدنيا وزينتها وخالف أمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم أدبه الله- تعالى- بحجب نصره عنه حتى يفيء إلى رشده ويتوب توبة صادقة إلى ربه، ويتخذ الوسائل التي شرعها الله- تعالى- للوصول إلى الفوز والظفر.
فالجملة الكريمة معترضة للرد عليهم فيما تقولوه من أباطيل.
ثم كشف- سبحانه- عما تخفيه نفوسهم من أمور سيئة فقال: يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ. يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا.
أى: أن هؤلاء الذين أهمتهم أنفسهم: والذين يظنون بالله غير الحق. يخفون في أنفسهم من الأقوال القبيحة والظنون السيئة أو يقولون فيما بينهم بطريق الخفية مالا يستطيعون إظهاره أمامك.
وهذه الجملة حال من الضمير في قوله يَقُولُونَ هَلْ لَنا السابقة.