للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن بريدة قال: سمعتُ رسولَ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "العهدُ الذي بَيْنَنَا وبينكُمُ الصلاةُ، فمن تَرَكَهَا فقد كَفَرَ"، وهو حديث صحيح (١).

لكن الراجح من أقوال العلماء أن المرادَ بالكفر هنا الكفرُ الأصغرُ الذي لا يُخْرجُ عن الملة، جمعًا بين هذه الأحاديث، وأحاديث أُخر.

(منها): عن ابن مُحيرز أن رجلًا من بني كنانة يُدعَى المُخدجي سمع رجلًا بالشامِ يُدعى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب، قال المخدجيُّ: فرحتُ إلى عبادةَ بن الصامت فأخبرتُهُ، فقال عبادة: كذبَ أبو محمد سمعتُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خَمسُ صلوات كتبهن اللّهُ على العبادِ، مَنْ أتى بهنَّ لم يُضيَع منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهِنَّ، كان له عند الله عهدٌ أن يدخلهُ الجنةَ، ومن لم يأتَ بهنَّ فليسَ لَهُ عندَ اللّه عهدٌ، إنْ شاءَ عذَّبَهُ، وإن شاء غَفَرَ له"، وهو حديث صحيح (٢).

فلما ردَّ رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - أمْرَ من لم يأت بهنَّ إلى مشيئة اللّه، علمنا أن تَرْكَهُنَّ دون الكفرِ والشرك؛ لقوله تعالى في سورة النساء (٤٨): {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

وعن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ أوَلَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامة الصلاةُ المكتوبةُ، فإن أَتَمَّها وإلَّا قيلَ: انظروا هلْ له من تطوُّع؟ فإن كان له تطوُّع أُكْمِلَت الفريضةُ من تطوِّعهِ، ثم يُفعلُ بسائرِ الأعمالِ المفروضة مثلُ ذلك"، وهو حديث صحيح (٣).

وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "من شَهدَ أن لا إله إلا اللّه وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبُده ورسولُهُ، وأنَّ عيسى عبدُ اللّه وكلمتُهُ ألقاها إلى مريمَ، وروحٌ منه، والجنةُ والنَّارُ حقٌّ، أدخله اللّه الجنةَ على ما كان من العملِ"، وهو حديث صحيح (٤).


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣٤٦)، والترمذي رقم (٢٦٢١)، والنسائي (١/ ٢٣١)، وابن ماجه رقم (١٠٧٩)، والحاكم (١/ ٦ - ٧).
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد لا نعرف له علة بوجهٍ من الوجوه، وصححه الألباني، رحمه اللّه.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٥)، وأبو داود رقم (١٤٢٠)، والنسائي (١/ ٢٣٠)، وابن ماجه رقم (١٤٠١).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٤٢٥)، وأبو داود رقم (٨٦٤)، والترمذي رقم (٤١٣)، والنسائي (١/ ٢٣٣)، وابن ماجه رقم (١٤٢٥).
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٨)، والبخاري رقم (٣٤٣٥)، ومسلم رقم (٢٨).

<<  <   >  >>