للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ يُرِدِ اللّهُ بهِ خيرًا يُفقِّههُ في الدين" (١).

وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)} [المجادلة: ١١].

أي: إنَّ الله يرفع المؤمن العالم على المؤمن الجاهل في الدنيا بعلو المنزلة، وَحُسْنِ الصيت، وفي الآخرة بكثرة الثوابِ، المؤدي لِرفعة الدرجات في الجنة (٢).

وعن عامر بن وَاثِلة: أنَّ نافع بنَ عبد الحارثِ لقيَ عُمَرَ بعُسْفَان (٣)، وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي فقال: ابنُ أَبْزَى، قال: ومن ابنُ أبْزَى، قالَ: مولى من موالينا، قالَ: فاستخلفتَ عليهم مواليَ، قالَ: إنِّهُ قارئ لكتابِ الله عزَّ وجلَّ، وإنَّهُ عالمٌ بالفرائِض، قال عمر: أمَا إنَّ نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: "إنَّ اللّه يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا، ويضعُ به آخرينَ" (٤).

واعْتَدَّ الله - عز وجل - بشهادة أهل العلم في وحدانيته فقال:" {شَهدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلم قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: ١٨].

فقرن الله - عز وجل - شهادتهم بشهادته، وشهادة الملائكة؛ وفي هذا رفْعٌ لقدر أهل العلم، وزيادة في شرفهم، وبيانِ فضلهم، وهم في كل زمان ومكان قادة وسادة، يردّون الناس إلى الله، ويدعونهم إليه، ويبعدونهم عن مخالفته وعصيانه، يقولون الحقَّ بلا خوف أو وجل.


(١) وهو حديث صحيح: أخرجه أحمد (١/ ٣٠٦)، والترمذي رقم (٢٦٤٥)، وقال: حديث حسن صحيح، والبغوي في "شرح السُّنَّة" (١/ ٢٨٥ رقم ١٣٢) وقال: حديث صحيح.
(٢) "زاد المسير في علم التفسير"، لابن الجوزي (٨/ ١٩٣).
(٣) وهي منهل من مناهل الطريق بين "الجحفة" و"مكة" وسُميَّتْ عُسْفَان؛ لتعسُّف السيل فيها. [معجم البلدان لياقوت الحموي (٤/ ١٢١ - ١٢٢].
(٤) وهو حديث صحيح. أخرجه مسلم (٦/ ٩٨ - بشرح النووي) " وهو من الأحاديث التي تتبعها الدارقطني على مسلم في كتابه: "التتبع" ص (٣٨٣)، ولم يجب عنه النووي في شرحه لمسلم، قلت: إن هذا التتبع لا يخدشُ بصحة الحديث؛ لأن الدارقطني نفسه قال في كتابه "العلل" (٢/ ٩٨ - ١٩٩) وقد سئل عن هذا الحديث قال: "رواه الزهري، عن أبي الطفيل.،. ورواه حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الفضيل موقوفًا غير مرفوع … وحديث الزهري هو الصواب؛ لأن الزهري أحفظ من حبيب بن أبي ثابت، وكلاهما مدلس من الطبقة الثالثة، لكن الزهريَّ صرَّح بالتحديث فيترجح حديثه".

<<  <   >  >>