للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: يا رسول الله، ما ترى في مسِّ الرجلِ ذَكَرَهُ بعد أن يتوضأ؟ فقال: "وهل هو إلَّا بضعةٌ منك"، وهو حديث صحيح (١).

قال المحدث الألباني (٢) - رحمه الله -: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هو بضعةٌ منك" فيه إشارة لطيفة إلى أن المسَّ الذي لا يوجبُ الوضوءَ إنما هو الذي لا يقترنُ معه شهوة؛ لأنه في هذه الحالة يمكنُ تشبيهُ مسِّ العضْو بمسِّ عضوٍ آخر من الجسم، بخلاف ما إذا مسَّه بشهوةٍ، فحينئذٍ لا يشبهُ مسُّه مسَّ العضوِ الآخرِ؛ لأنه لا يقترن عادة بشهوةٍ، وهذا أمر بيِّنٌ كما ترى، وعليه فالحديث ليس دليلًا للحنفية الذي يقولون بأن المسَّ مطلقًا لا ينقضُ الوضوءَ، بل هو دليلٌ لمن يقول: بأن المسَّ بغير شهوة لا ينقضُ، وأما المسُّ بالشهوة فينقضُ، بدليل حديث بُسْرَةَ، وبهذا يُجْمَعُ بين الحديثين" اهـ.

٥ - أكلُ لحمِ الإبلِ:

لحديث البراء بن عازب قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوءِ من لحوم الإبل، فقال: "توضؤوا منها" وسئل عن لحوم الغنم فقال: "لا توضؤوا منها .. "، وهو حديث صحيح (٣).

ولحديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أن رجلًا سألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتوضَّأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئتَ فتوضأ، وإن شئتَ فلا توضَّأ" قال: أتوضأُ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم، فتوضَّأ من لحوم الإبل"، وهو حديث صحيح (٤).


(١) أخرجه أبو داود رقم (١٨٢)، والترمذي رقم (٨٥)، والنسائي (١/ ١٠١)، وابن ماجه رقم (٤٨٣)، والحاكم (١/ ١٣٩)، وابن حبان رقم (٢٠٧ - ٢٠٩ موارد)، وأحمد (٤/ ٢٣)، وصححه: عمرو بن علي الفلاس، وقال: هو عندنا أثبتُ من حديث بُسْرَةَ، وصححهُ أيضًا ابنُ حبان، والطبراني، وابن حزم، انظر: "تلخيص الحبيرِ" (١/ ١٢٥)، وضعفهُ الشافعي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي، وادَّعى فيه النسخ: ابنُ حبانَ، والطبراني، وابن العربي، والحازمي، وآخرون، انظر: هذا في تحقيقي لـ"بداية المجتهد" (١/ ١٠٧).
(٢) "تمام المنة" ص (١٠٣).
(٣) أخرجه أبو داود رقم (١٨٤)، والترمذي رقم (٨١)، وابن ماجه رقم (٤٩٤)، وأحمد (٤/ ٣٠٣)، والبيهقي (١/ ١٥٩).
(٤) أخرجه مسلم (١/ ٢٧٥) رقم (٣٦٠).

<<  <   >  >>