للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولحديث جابر قال: خرجنا في سفرٍ، فأصابَ رجلًا منا حجرٌ، فشجَّهُ في رأسهِ، ثم احتلم، فسألَ أصحابَهُ هل تجدونَ لي رُخصةً في التيمم؟ فقالوا: ما نجدُ لكَ رُخصةً وأنت تَقْدِرُ على الماء، فاغتسل فماتَ، فلما قَدِمْنَا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبرَ بذلك، فقال: "قَتِلوِهُ قتلَهُمُ الله، ألا سألوا إذْ لم ليَعْلَمُوَا؟ فإنما شفاء العيِّ السؤالُ، إنما كان يكفيه أن يتيمَّمَ، ويَعْصِرَ، أو يعصبَ على جُرْحِهِ، ثم يمسحَ عليه ويغسلَ سائر جسده"، وهو حديث حسن بدون بلاغِ عطاءٍ (١).

ولحديث عمرو بن العاص أنَّهُ لما بُعِثَ في غزوة ذاتِ السَّلاسل قال: احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ شديدةِ البردِ، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلكَ فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي صلاةَ الصبحِ، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له، فقال: "يا عمرو صليتَ بأصحابك وأنت جُنُبٌ؟ " فقلتُ: ذكرتُ قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩] فتيممتُ ثم صليتُ، فضحكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يَقُلْ شيئًا"، وهو حديث صحيح (٢).

٣ - ما هوَ الصعيدُ؟:

قال ابن منظور (٣): "الصعيدُ الأرض، وقيل: الأرض الطيبةُ. وقيل: هو كل تراب طيِّبٍ، وفي التنزيل: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} … "، وقال أبو إسحاق: الصعيدُ وجهُ الأرض، قال: وعلى الإنسان أن يَضْرِبَ بيديه وجْهَ الأرض ولا يبالي أكان في الموضعِ تُرابٌ أو لم يكن؛ لأن الصعيدَ ليس هو التراب، إنما هو وجهُ الأرض، ترابًا كان أو غيره،


(١) أخرجه أبو داود رقم (٣٣٦)، والبيهقي (١/ ٢٢٨)، والدارقطني (١/ ١٨٩ - ١٩٠).
قلت: ولحديث جابر شاهدان عن ابن عباس:
الأول: أخرجَه أبو داود رقم (٣٣٧)، وابن ماجه رقم (٥٧٢)، والحاكم (١/ ١٦٥)، وابن حبان رقم (٢٠١ - موارد)، والدارمي (١/ ١٩٢).
والثاني: أخرجه الحاكم (١/ ١٧٨)، والدارقطني (١/ ١٩٠).
وخلاصة القول: أن حديثَ جابر حسنٌ بدون بلاغِ عطاءٍ.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٠٣)، وأبو داود رقم (٣٣٤، ٣٣٥)، والدارقطي (١/ ١٧٨ رقم ١٢)، وابن حبان (رقم ٢٠٢ - موارد)، والحاكم (١/ ١٧٧)، وصححه ووافقه الذهبي، وهو عند البخاري تعليقًا (١/ ٤٥٤ - مع الفتح).
وقال الحافظ: "هذا المعلقُ وصله أبو داود والحاكم .. وإسنادُه قوي".
(٣) في "لسان العرب" (٧/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>