للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أذْرعُ، وسألتُ الذي فتح لي باب البستانِ فأدخلَني إليه، هل غُيِّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيتُ فيها ماءً متغيِّر اللَّونِ" اهـ

٥ - الماءُ المتغيِّرُ بطولِ المُكْثِ أو بسببِ مقرِّه أو بما خالَطَهُ كطحلُبٍ، أو ورقِ شجرٍ، وما لا ينفك عنه غالبًا، فإنَّ اسمَ الماءِ المطلق يتناوله باتفاقِ العلماء.

والأصلُ في هذا البابِ أن كلَّ ما يصدُقُ عليه اسمُ الماء مطلقًا عن التقييد يصح التطهُّر به؛ لقولهِ - تعالى - في سورة المائدة الآية (٦): "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا".

وقال ابن قدامة (١): "والماءُ الآجنُ: وهو الذي يتغيُّر بطول مكْثِهِ في المكان، من غير مخالطةِ شيء يغيرهُ، باق على إطلاقه في قول أكثر أهل العلم" اهـ.

وقال ابن المنذر (٢): "أجمع كلُّ من نحفظُ قولَه من أهل العلم على أن الوضوءَ بالماء الآجنِ من غير نجاسةٍ حلَّتْ فيه جائز، غيرَ ابن سيرينَ فإنه كرهَ ذلك، وقول الجمهور أولى" ا هـ.

وقال ابن رشد (٣): "وكذلك أجمعوا على أنَّ كلَّ ما يُغيِّر الماءَ مما لا يَنْفَك عنه غالبًا أنه لا يسلبُه صفةَ الطهارةِ والتطهير؛ إلا خلافًا شاذًّا في الماءِ الآجنِ عن ابن سيرينَ، وهو محجوجٌ بتناولِ اسم الماء المُطْلقِ له" اهـ.

ثانيًا: الماءُ المسْتَعْمَلُ:

هو الماءُ المنفصلُ من أعضاءِ المتوضئ أو المغتسل.

١ - الماءُ المستعملُ طاهرٌ في نفسه؛ لحديث جابر قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودُني وأنا مريضٌ لا أعقلَ، فتوضَّأ وصبَّ عليَّ من وَضُوئِهِ، فعقلْتُ .. " (٤).

ولحديث أبي جُحيفة - رضي الله عنه - قال: "خرج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة، فَأُتِيَ بوَضُوءٍ فتوضَّأ، فجعل الناسُ يأخذون من فضلِ وضُوئِهِ فيتمسحونَ به، .. " (٥).

• أما قولُ بعضهم: إنَّ هذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمردودٌ؛ لأن الأصلَ أنَّ


(١) "المغني" (١/ ٤٢).
(٢) "الإجماع" (ص ٣٣).
(٣) "بداية المجتهد" (١/ ٧٢) بتحقيقي.
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٩٤).
(٥) أخرجه البخاري رقم (١٨٧).

<<  <   >  >>