للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الرابع عشر الوقف]

[١ - تعريف الوقف]

" هو من التبرعات، كان أهل الجاهلية لا يعرفونه فاستنبطه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمصالح لا توجد في سائر الصدقات، فإن الإنسان ربما يصرف في سبيل اللّه مالًا كثيرًا، ثم يفنى فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، وتجئ أقوام آخرون من الفقراء فيبقون محرومين، فلا أحسن ولا أنفع للعامة من أن يكون شيء حبسًا للفقراء وابن السبيل يصرف عليهم منافعه ويبقى أصله على ملك الواقف" اهـ (١).

[٢ - الأدلة على مشروعية الوقف]

حث الإسلام على الوقف، ودل على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان، انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علمٍ يُنتَفَع به، أو ولد صالح يدعو له" (٢).

[٣ - للواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين]

عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة، وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: "من يشتري بئرَ رومة، فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة"، فاشتريتها من صلب مالي، وهو حديث حسن (٣).

[٤ - للواقف أن يجعل غلات الموقوف لمن شاء]

عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول اللّه، إني أصبتُ أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمرُ به؟ قال: "إن شئْت حبسْتَ أصلها وتصدقْت بها"، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي


(١) الحجة البالغة (٢/ ١١٦).
(٢) أخرجه الإمام مسلم (٣/ ١٢٥٥ رقم ١٦٣١)، وقال الترمذي في السنن (٣/ ٦٦٠): "لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافًا في جواز وقف الأرضين" اهـ.
(٣) أخرجه النسائي (٦/ ٢٣٥ رقم ٣٦٠٨)، والترمذي (٥/ ٦٢٧ رقم ٣٧٠٣)، وقال: حديث حسن، والبخاري (٥/ ٢٩) معلقًا.

<<  <   >  >>