للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قال الحافظ (١): " … إلا أن مقدارَ القلتينِ لم يُتَّفَقْ عليه، واعتبره الشافعي بخمسِ قِرَبٍ من قربِ الحجازِ احتياطًا … " اهـ.

أما ما ورد في تخصيص القلتينِ بقلالِ هَجَرَ، فليس بجيد؛ لأنه لم يرد مرفوعًا إلا من طريق "المغيرة بن سقلاب" بسنده عن ابن عمرَ: "إذا بلغ الماء قُلَّتين من قلال هَجَرَ، لم ينجِّسْهُ شيء"، وهو حديث ضعيف بهذه الزيادة (٢).

فرع (٣): تقديرُ الماء الكثير لا يستندُ إلى أصلٍ شرعيٍّ يُعتَمَدُ عليه:

• قال الإمام البغوي (٣): "وقدَّر بعضُ أصحابِ الرأي الماءَ الكثيرَ الذي لا ينجسُ، بأَنْ يكون عشَرَةَ أذرعٍ في عشرةِ أذرعٍ، وهذا تحديد لا يرجعُ إلى أصلٍ شرعي يُعْتَمَدَ عليه".

وأما حديث عبد الله بن مُغَفَّل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفرَ بئرًا فَلَهُ أربعونَ ذراعًا عَطنًا لماشيتهِ"، وهو حديث حسن (٤).

فلا دليل فيه - أيضًا - على تحديد الماء الكثير الذي لا ينجس بأَنْ يكونَ عشرةَ أذرع في عشرةِ أذرع؛ لأن الواضحَ من الحديثِ أنَّ حريمَ البئر من كلِّ جانبٍ أربعونَ ذراعًا (٥).

ثم قال البغويُّ (٦). "وحدَّهُ بعضُهم بأَنْ يكونَ في غديرٍ عظيمٍ، بحيثُ لو حُرِّكَ منه جانبٌ لم يضطربْ منه الجانبُ الآخرُ، وهذا في غاية الجهالةِ؛ لاختلافِ أحوالِ المحرِّكينَ في القوةِ والضعفِ" اهـ.

• وقال الإمام الشوكاني (٧). "وللناس في تقدير القليل والكثيرِ أقوالٌ ليس عليها أثارةٌ من علم، فلا نشتغلُ بذكرِها" اهـ.


(١) "الفتح" (١/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل" (٦/ ٢٣٥٨) في ترجمة المغيرة هذا، وقال عامةُ ما يرويه لا يُتَابَعُ عليه.
وقال ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٢٩) عن المغيرة: هذا منكرُ الحديث: ثم قال (١/ ٣٠): "والحديث غيرُ صحيحٍ، يعني بهذه الزيادة".
(٣) الشرح السنة" (٢/ ٥٩ - ٦٠).
(٤) أخرجه الدارمي (٢/ ٢٧٣)، وابن ماجه (٢/ ٨٣١ رقم ٢٤٨٦).
(٥) انظر: كتاب "فتح باب العناية بشرح كتاب النُّقاية"، لعلي القاري (١/ ١٠٩).
(٦) الشرح السنة" (٢/ ٥٩ - ٦٠).
(٧) "نيل الأوطار" في نهاية شرح الحديث رقم (١٣). بتحقيقي.

<<  <   >  >>