للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الباب الخامس* الظِّهار

الظهار: بكسر الظاءِ مشتق من الظَّهْرِ؛ لقول القائل: أنت عليَّ كظهر أمي.

[١ - كفارة الظهار]

قال تعالى في سورة المجادلة الآية (٣، ٤): {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

[٢ - إعانة الإمام للمظاهر]

عن سلمة بن صخر، قال ابن العلاء البياضي، قال: كنتُ أمرأً أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يُتابع بي (١)، حتى أصبح، فظاهرتُ منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة؛ إذ تكشَّف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوتُ عليها، فلما أصبحتُ خرجتُ إلى قومي، فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: "أنت بذاكَ يا سلمة" (٢)، قلت: أنا بذاك يا رسول الله، مرتين وأنا صابر لأمر الله فاحكم فيَّ ما أراكَ الله، قال: "حَرِّرْ رَقبةً" قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربتُ صفحة رقبتي، قال: "فصُمْ شهرين متتابعين"، قال: وهل أصبتُ الذي أصبت إلَّا من الصيام؟، قال: "فأَطعِمْ وَسْقًا من تَمْرٍ بين ستين مسكينًا"، قلت: والذي بعثك بالحق، لقد بِتْنَا وحْشَين (٣) ما لنا من طعام، قال: "فانطلق إلى صاحب صدقة بني زُرَيْق، فليدفعها إليك، فأطعمْ ستين مسكينًا وسقًا من تمر، وكل أنت وعيالك" بقيتها، فرجعت إلى قومي، فقلت: وجدتُ عندكم الضيق، وسوء الرأي، ووجدت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السَّعَةَ وحسن الرأي، وقد أمرني أو أمر لي بصدقتكم"، وهو حديث حسن (٤).


(١) يُتابَع: بضم الياء، أي يلازمني فلا أستطيع الفكاك منه.
(٢) أنت بذاك يا سلمة: أنت الملم بذاك والمرتكب له.
(٣) بتنا وحشين: بتنا مقفرين لا طعام لنا.
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٢١٣)، والترمذي رقم (١٢٠٠)، وقال: حديث حسن.

<<  <   >  >>