للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الفصل الخامس* المسح على الخُفَّيْنِ

١ - مشروعيةُ المسحِ على الخُفَّيْنِ:

لحديث همامِ بن الحارثِ قال: رأيتُ جريرَ بن عبد الله بالَ، ثم توضَّأ ومسحَ على خُفَّيْهِ، ثم قام فصلَّى. فَسُئِلَ، فقال: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - صنعَ مثلَ هذا، قال إبراهيم: فكان يعجبُهم؛ لأنَّ جريرًا كان من آخِرِ من أسلم (١).

قال ابن المنذر (٢): "ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائزٌ، قال: وذلك أن كلَّ من رُوِيَ عنه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كَرِهَ المسْحَ على الخفين، فقد روي عنه غيرُ ذلك" اهـ.

وقال ابن عبد البرِّ (٣): "وكذلك لا أعلمُ في التابعينَ أحدًا يُنكرُ ذلك، ولا في فقهاء المسلمينَ إلَّا رواية جابرٍ عن مالك. والرواياتُ الصِّحَاحُ عنه بخلافه، وهي منكرةٌ يدفعُها موطؤه وأصولُ مذهبه" اهـ

وقال في "الاستذكار" (٤): "والقائلون بالمسح على الخفَّينِ هم الجَمُّ الغفيرُ، والعددُ الكثيرُ الذين لا يجوزُ عليهم الغَلَطُ، ولا التشاغُر، ولا التواطؤُ، وهم جمهور الصحابة والتابعينَ، وهم فقهاء المسلمينَ" (٥) اهـ.

٢ - يُشْتَرَطُ لجواز المسح أن يَلْبَسَ الخفينِ على وضوءٍ:

لحديث المغيرةِ بن شعبةَ قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ في مسيرٍ، فقال لي: "أمعكَ ماءُ؟ " قلتُ: نعم، فنزل عن راحلتِهِ، فمشى حتى توارى في سوادِ الليل، ثم جاءَ فأفرغتُ عليه من الإداوة، فغسلَ وجهَهُ، وعليه جبة من صوفٍ، فلم يستطِعْ أن يُخرِج ذراعيه منها؛ حتى أخرجَهُمَا من أسفَلِ الجبة فغسلَ ذراعيه ومسحَ برأسه، ثم أهويتُ لأنزعَ خُفَّيهِ فقال: "دعْهُمَا، فإني أدخلتُهما طاهرتين، ومسح عليهما" وهو حديث صحيح (٦).


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٨٧)، ومسلم رقم (٧٢/ ٢٧٢) وغيرهما.
(٢) في "الأوسط" (١/ ٤٣٤).
(٣) في "التمهيد" (١١/ ١٤١).
(٤) (٢/ ٢٣٧ رقم ٢١٨١).
(٥) انظر: "سنن الترمذي" (١/ ١٥٦)، و "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٢٧٢).
(٦) أخرجه البخاري رقم (٣٠٦)، ومسلم رقم (٧٩/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>