للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: نعي الجاهلية هو النعي المحرم: وهو أن العرب إذا مات منهم شريف، أو قُتِلَ بعثوا راكبًا إلى القبائل يَنْعَاهُ إليهم، يقول: نَعَاءِ فلانًا، أو يانَعَاء العرب: أي هلك فلان، أو هلكت العرب بموت فلان.

قلت: أما إعلان الوفاة فجائز إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - "أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليومِ الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصلَّى بهم، وكبَّر أربعًا"، وهو حديث صحيح (١).

[٤٠ - تحرم النياحة على الميت]

لحديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - المتقدم في الفقرة رقم (١٢ - أ) من هذا الباب.

[٤١ - يحرم اتباع الجنازة بنار]

عن أبي بردة - رضي الله عنه - قال: أوصى أبو موسى - رضي الله عنه - حين حضره الموت، فقال: لا تتبعوني بمجمرٍ - بنار - قالوا: أو سمعت فيه شيئًا؟ قال: "نعم، من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -"، وهو حديث حسن (٢).

قلتُ: ومن البدع رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة، لقول قيس بن عباد: "كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون رفع الصوت عند الجنائز" (٣).

ولأن فيه تشبهًا بالنصارى؛ فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم، مع التمطيط والتلحين والتحزين.

قال الإمام النووي (٤): "واعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف - رضي الله عنهم - السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يُرفع صوتٌ بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكنُ لخاطِرهِ وأجمعُ لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه.


(١) أخرجه البخاري رقم (١١٨٨ - البغا)، ومسلم رقم (٩٥١).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٩٧)، وابن ماجة رقم (١٤٨٧)، والبيهقي (٣/ ٣٩٥).
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٧٤) بسندٍ رجاله ثقات.
(٤) "الأذكار" (٤/ ١٨٣ - الفتوحات الربانية).

<<  <   >  >>