وبتأمل السنة النبوية، نجد أنها جاءت بمعنى الفرض في مواضعَ، وجاء في مواضع أخرى بمعنى الفرض والنفل، وفي بعض المواضع بمعنى النفل فقط.
وخلاصة القول أنَّ الصدقةَ والزكاةَ بمعنىً واحدٍ تفترقان في الاسم وتتحدانِ في المعنى.
٤ - متى شُرِعَت الزكاة؟.
شُرعت الزكاة في بداية الأمر مطلق صدقة واجبة دون قيد أو شرط، وبلا تحديد نصاب أو حَوْلي أو نسبة، وفي هذه المرحلة - المكية - نزلت آيات كثيرة منها قول الله تعالى في سورة النمل الآيات (١ - ٣) {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}.
حتى جاء العهد المدني في السنة الثانية للهجرة، فقررت الزكاة ذات الأنصبة والمقادير.
[٥ - الحث عليها والتشديد في منعها]
قال تعالى في سورة آل عمران الآية (١٨٠): {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثَ معاذًا إلى اليمن، قال:"إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله، فإنْ هم أطاعوك لذلك، فأعلمْهم أنَّ الله افترض عليهم خمس صلواتٍ في كل يومٍ وليلةٍ، فإنْ هم أطاعوك، فأعلِمْهم أَنَّ الله افترض عليهم صدقةً، تؤخذُ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإنْ هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب"، وهو حديث صحيح (١).
قال تعالى في سورة التوبة الآيتان (٣٤، ٣٥): {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}.
(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٣)، والبخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩)، وأبو داود (١٥٨٤)، والترمذي (٦٢٥)، والنسائي (٥/ ٢، ٣، ٤)، وابن ماجه (١٧٨٣).