للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرع (٤): البولُ في الماءِ الراكِدِ مكروهٌ:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَبُولنَّ أَحدُكم في الماء الدَّائِم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه"، وهذا لفظ البخاري، ولفظ الترمذي: "ثم يتوضأ منه"، ولفظ الباقين: "ثم يغتسلُ منه" (١).

ففي الحديث نهي عن أن يُبَالَ في الماءِ الدائم، ثم يُغْتَسَلُ منه، ولا يعني ذلك نجاسة الماء بحلولِ ذلك البول فيه، وإن لم يُغيِّرْ أحدَ أوصافِه، فالقول بالتنجيس يحتاج إلى دليلٍ شرعيٍّ، وليس لنا دليل يفيدُ ذلك " فبقي الحديث على النهي للبائل أن يغتسلَ، أو يتوضأ، وله الانتفاعُ به ما عدا ذلك، وغير البائل مباحًا له الاغتسالُ والوضوء (٢).

فرع (٥): النهي عن غمسِ المستيقظِ مِن النومِ يدَه في الإناءِ قبلَ غسْلِها للتنزيه:

لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظَ أحدُكم من نومه فلا يغمسْ يدهُ في الإناءِ، حتى يغسلَها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتتْ يده"، واللفظ لمسلم، وهو حديث صحيح (٣).

ففي الحديث نهي عن غَمْسِ المستيقظِ من النوم يده في الإناء قبل غسْلِها للتنزيه، ولا فرقَ بين نومِ الليلِ أو النهارِ، والأمرُ بالغَسل عند الجمهور على الندبِ، والقرينةُ الصارفةُ للأمر عن الوجوب التعليلُ بأمرٍ يقتضي الشكَّ.

ولو غمسَ المستيقظُ من النومِ يَده في الإناء قبل غسْلِها، ولم يعلم بها نجاسةً؛ يكره، ولا يفسدُ الماء عند أكثر أهل العلم (٤).


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٤٦) والبخاري رقم (٢٣٩) ومسلم رقم (٢٨٢) وأبو داود رقم (٧٠) والترمذي رقم (٦٨) والنسائي (١/ ٤٩) وابن ماجه رقم (٣٤٤).
(٢) "إحكام الأحكام" (١/ ٢١) و "المجموع" (١/ ١١٦)، و "طرح التثريب" (٢/ ٣٣).
(٣) أخرجه البخاري رقم (١٦٢) ومسلم رقم (٨٨/ ٢٧٨) وأحمد (٢/ ٤٦٥، ٤٧١، ٤٠٣) بدون ذِكر الثلاث، وأخرجه مسلم رقم (٨٧/ ٢٧٨) والترمذي (١/ ٣٦ رقم ٢٤) وقال " حديث حسن صحيح"، والنسائي (١/ ٦ رقم ١)، و (١/ ٩٩ رقم ١٦١) وابن ماجه (١/ ١٣٨ رقم ٣٩٣) وأحمد (٢/ ٢٤١، ٢٦٥، ٢٨٤، ٣٨٢، ٤٥٥) مع ذِكْر الثلاث.
(٤) "شرح السنة" للبغوي (١/ ٤٠٨) و "طرح التثريب" (٢/ ٤٤) و شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٥٠).

<<  <   >  >>