للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - عَظْم الميتة وقَرْنُها وظُفْرُهَا وحَافِرُهَا، وشعرُها، وريشُها، ووبَرُهَا، ولبنُها، وأنفحَتُهَا طاهرٌ:

لأن الأصل في هذه كلِّها الطهارةُ، ولا دليلَ على النجاسة.

وقال الزهري في عظامِ الموتى - نحوَ الفيلِ وغيره -: أدركتُ ناسًا من سلَفِ العلماء يمتشطونَ بها، ويدَّهِنُون فيها، لا يرون به بأسًا (١).

وقال حماد: لَا بأس بريشِ الميتة (٢).

وقال ابن سيرين وإبراهيمُ: ولا بأسَ بتجارة العاجِ (٣).

قال ابن حجر (٤) عقب أثر ابن سيرين: "وهذا يدل على أنه كان يراه طاهرًا؛ لأنه لا يجيز بيعَ النجس ولا المتنجِّس، الذي لا يمكن تطهيرهُ، بدليل قصته المشهورة في الزيت" (٥) اهـ.

٦ - نجاسةُ لحم الحيوان الذي لا يُؤْكَلُ إذا ذُبِحَ:

لحديث سلمةَ بنِ الأكوع قَال: لما أمسى اليومُ الذي فُتحَتْ عليهم فيه خَيْبَرُ أوقدوا نيرانًا كثيرةً، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذه النَّارُ على أيِّ شيء توقدون؟ " قالوا: على لحمٍ، قالَ: "على أيِّ لحم؟ " قالوا: على لحَمِ الحُمُرِ الإنْسِيّة، فَقالَ: "أهْرِيقُوها واكسروها" وقال رَجلٌ: يا رسول الله، أوَنُهْرِيقُهَا ونغسِلُهَا؟ فقال: "أوَ ذاك" وفي لفظ: "فقال: اغْسِلُوا"، وهو حديث صحيح (٦).

ولحديث أنسٍ قال: أَصَبْنَا مِنْ لَحْم الحُمُر: يعني يومَ خيبرَ فنادَى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ورسولهُ ينهيانكم عن لحومِ الحمرِ؛ فإنها رِجْسٌ أو نَجَسٌ"، وهو حديث صحيح (٧).

هذان الحديثان يدُلَّانِ على نجاسة لحم الحيوانِ الذي لا يؤكلُ وإن ذُبِح لأنَّ الأمرَ بكسرِ الآنية أولًا، ثم الغسل ثانيًا، ثم قوله: فإنها رجسٌ أو نجسٌ ثالثًا، يدل على النجاسة، ولكنَ الحديثين نصٌّ في الحمر الإنسيةِ، وقياسٌ في غيرها مما لا يؤكل بجامع عدمِ الأكلِ.


(١) ذكره البخاري في صحيحه (١/ ٣٤٢ رقم الباب ٦٧) معلقًا بصيغة الجزم.
(٢) المصدر السابق نفسه، ووصله عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٦٧ رقم ٢٠٦).
(٣) المصدر السابق نفسه، ووصله عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٦٨ رقم ٢١١).
(٤) في "الفتح" (١/ ٣٤٣).
(٥) انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (٢١/ ٩٦ - ١٠٤).
(٦) أخرجه أحمد (٤/ ٤٨) والبخاري رقم (٤١٩٦) ومسلم رقم (١٨٠٢).
(٧) أخرجه أحمد (٣/ ١١٥) والبخاري رقم (٥٥٢٨) ومسلم رقم (١٩٤٠).

<<  <   >  >>