للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرقاب، وفي سبيل اللّه وابن السبيل، والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويُطعم غير متمول" (١).

[٥ - بطلان وقف من أراد مضارة لوارثه]

قال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦]، وقال تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢]، وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢].

ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضَررَ ولا ضرَارَ، وللرجلِ أن يجعل خَشَبه على حائط جاره"، وهو حديث صحيح لغيره (٢).

[٦ - بيان حكم المال الموقوف الذي يوضع في مكان لا يستفاد منه]

عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: سمعتُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية (أو قال: بكفر) لأنفقتُ كنزَ الكعبة فِي سبيل الله، ولجعلتُ بابها بالأرض، ولأدخلتُ فيها من الحجر" (٣).

فهذا يدل على جواز إنفاق مال الكعبة، إذا زال المانع وهو حداثة عهد الناس بالكفر، وقد زال ذلك.

وإذا كان هذا هو الحكم في الأموال التي في الكعبة، فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب.

[٧ - تحريم الوقف على القبور؛ لتزيينها أو زخرفتها]

عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ألَّا تدع تمثالًا إلا طمسْتَه، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويتَه" (٤).

اعلم أن الوقف على القبور مفسدة عظيمة ومنكر كبير، إلا أن يقف على القبر مثلًا؛ لإصلاح ما انهدم من عمارته، التي لا إشراف فيها ولا رفع ولا تزيين، فقد يكون لهذا وجه صحة، وإن كان الحي أولى من الميت.

وللإمام الشوكاني كتاب بعنوان "شرح الصدور في تحريم رفع القبور"، بتحقيقنا.


(١) أخرجه البخاري (٥/ ٣٥٤ رقم ٢٧٣٧)، ومسلم (٣/ ١٢٥٥ رقم ١٥/ ١٦٣٢)، وغيرهما.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣١٣)، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٣٠٢ رقم ١١٨٠٦).
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٩٦٩ رقم ٤٠٠/ ١٣٣٣).
(٤) أخرجه مسلم (٢/ ٦٦٦ رقم ٩٣/ ٩٦٩)، وغيره.

<<  <   >  >>