فرع (٨): لا دليل على نجاسة الخنزير، بل الدليلُ على تحريم أَكْلِهِ:
لم يصح في كون الخنزير نَجِسًا دليلٌ.
وأما الاستدلال في الآية (١٤٥) من سورة الأنعام: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}.
قلنا: المراد بالرجس هنا الحرامُ كما يفيدهُ سياق الآية، والمقصودُ منها؛ فإنها وردت فيما يحرم أكلُه لا فيما هو نجسٌ.
فرع (٩): طهارة بولِ ورَوثِ ما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ:
لحديث أنس بن مالك: أن رَهْطًا من عُكْلٍ أو قال عُرَينةَ قدِمُوا فاجتَووا المدينة فأمر لهم رسول الله بلقاحٍ، وأمرهُمْ أن يخرجُوا فيشرَبُوا من أبوالِها وألبانِها، وهو حديث صحيح (١).
• ففي الحديث دليل على طهارة بول ما يؤكل لحمهُ، أما في الإبل فبالنصِّ، وأما في غيرها مما يُوْكَلُ لحمُهُ فبالقياس.
• وعن مالك بن الحارث السُّلمي عن أبيه، قال:"صلى بنا أبو موسى الأشعري في دار البريد - موضعٍ بالكوفة - كانتِ الرُّسلُ تنزَّلُ فيه إذا حضرتْ من الخلفاءِ إلى الأمراءِ، وكان أبو موسى أميرًا على الكوفة في زمن عمر، وفي زمن عثمان، وكانت الدارُ في طرف البلد، ولهذا كانت البريةُ إلى جَنْبِها - وهناك - سرقينُ الدوابِّ - أي زبلُ الدوابِّ - والبريَّةُ على الباب، فقالوا: لو صليت على الباب، فقال: ها هُنا وثمَّ سواءٌ"، وهو أثر صحيح.
• وقد رواه سفيان الثوري في جامعهِ عن الأعمش بسنده ولفظهُ:"صلَّى بنا أبو موسى على مكان فيه سرقينُ"، وهذا ظاهرٌ في أنه بغير حائل.
• وعن عبد الله بن مغفل أنه كان يصلِّي وعلى رجليهِ أثرُ السرقينِ، وهو أثرٌ صحيحٌ.
• وعن عبيد بن عمير، قال: إن لي عُنَيْفًا - تصغير عَنَاقٍ، وهي الأنثى من ولد المعزِ - تبعر في مسجدي، وهو أثر صحيح.
(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٠٧، ١٦١)، والبخاري رقم (٢٣٣)، ومسلم رقم (١٦٧١).