للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخصِّصُ هذا العامَّ، مصرِّحًا بأنه يصيرُ الماء نجسًا كما وقع في تلك الزيادة التي وقع الإجماع عليها، فإنها وردتْ بصيغةِ الاستثناء من ذلك الحديث، فكانت من المخصصاتِ المتصلة بالنسبة إلى حديث أبي سعيد، ومن المخصَّصات المنفصلة بالنسبة إلى حديث ابن عمرَ عَلى القول الراجح في الأصولِ، وهو أنه يبنى العامُّ على الخاصِّ مطلقًا.

فتقرر بهذا أنه لا منافاة بين مفهوم حديث القُلتين، وبين سائر الأحاديث، بل يقال فيه: إن ما دون القلتين إن حملَ الخبَثَ حملًا استلزم تغير ريح الماءِ، أو لونِهِ أو طعمِهِ، فهذا هو الأمر الموجب للنجاسة والخروج عن الطهورية، وإن حمله حملًا لا يغيِّر أَحَدَ تلك الأوصافِ فليس هذا الحملُ مستلزمًا للنجاسة" (١).

* فروع تتعلقُ بالبابِ الأولِ: أقسام المياهِ:

فرع (١): الإجماعُ المتقدِّم آنفًا وقعَ على زيادة ضعيفةٍ وردت بصيغة الاستثناء في حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" "إنَّ الماءَ لا ينجِّسُهُ شيء، إلا ما غلبَ على ريحِهِ، وطعمِهِ، ولونِهِ" وهو حديث ضعيف (٢).

فرع (٢) في تفسير القُلتين:

قال ابنُ التركماني (٣): "قد اخْتُلِفَ في تفسير القُلَّتينِ اختلافًا شديدًا كما ترى، ففُسِّرَتَا بخمس قِرَبٍ، وبأربع، وبأربعٍ وستين رطلًا، وباثنين وثلاثين، وبالجرتين مطلقًا، وبالجرتين بقيد الكبرِ، وبالخابيتينِ، والخابية الحبّ.

فظهر بهذا جهالةُ مقدار القلتين، فتعذَّر العملُ بها" اهـ.


(١) "الدراري المضية" (١/ ٧٥ - ٧٦)، بتحقيقي.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٧٤ رقم ٥٢١)، والبيهقي (١/ ٢٥٩)، والطبراني في "الكبير" رقم (٧٥٠٣)، و"الأوسط" رقم (٧٤٤)، والدارقطني (١/ ٢٨ رقم ٣).
وأورده الهيثميُّ في "مجمع الزوائد" (١/ ٢١٤)، وقال: " … وفيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف".
قال الدارقطني: "لم يرفعه غيرُ رشدين بن سعدٍ، وليس بالقوي".
وقال الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٩٤): "وهذا الحديث ضعيف؛ فإن رشدين بن سعدٍ جرَحَهُ النسائي، وابن حبانَ، وأبو حاتم، ومعاوية بن صالح".
قلت: الحديث ضعيف بهذا الاستثناء، وأما قوله: "الماء طهورٌ لا ينجِّسُهُ شيء"، فهو حديث صحيح من رواية أبي سعيد الخدري المتقدمة عند الكلام على (ماء البئر).
(٣) "الجوهر النقي" (١/ ٢٦٥) السنن الكبرى.

<<  <   >  >>