للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - قضاء الفوات من رمضان لا يجب على الفور؛ بل يجب على التراخي وجوبًا موسعًا:

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيهُ إلَّا في شعبان"، وهو حديث صحيح (١).

قال الحافظ في "فتح الباري": "وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقًا؛ سواء كان لعذر أو لغير عذر".

واعلم أن المبادرة إلى القضاء أولى من التأخير، لدخولها في عموم الأدلة الدالة على الإسراع في عمل الخير وعدم التسويف، لقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣]، وقوله عز وجل: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٦١].

ولا يجب التتابع في القضاء؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥]، ويجوز التفريق في القضاء.

قال أبو داود في "مسائله" ص (٩٥): "سمعتُ أحمد بن حنبل سُئِل عن قضاء رمضان؟ قال: إن شاء فرق وإن شاء تابع" اهـ.

ولا يلزم من أخَّر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر، إلا القضاء؛ سواء أخَّر القضاء بتفريط أم بدون تفريط؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فليس فيه غير القضاء، والزيادة على هذا زيادة على الشرع وأمر بما لم يأمر به، ولا صارف للآية عن ظاهرها.

كما أن ظاهر الآية يدل على أن القضاء واجب موسع، لا حد له، ولا دليل على تحديد آخر وقت القضاء.

[٥ - جواز صيام التطوع لمن عليه قضاء]

قال تعالى في سورة البقرة الآية (١٨٥): {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

في الآية دليل على أن وقت قضاء رمضان موسع، فإذا أراد المسلم الذي عليه قضاء


(١) أخرجه البخاري رقم (١٩٥٠)، ومسلم رقم (١١٤٦).

<<  <   >  >>