للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب التاسع صلاة المسافر]

١ - وجوبُ القصر في السفر:

لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "فُرضت الصلاةُ ركعتين، ثم هاجَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ففُرِضَتْ أربعًا، تركت صلاة السفر على الأولى"، وهو حديث صحيح (١).

ولحديث يعلى بن أمية قال: قلتُ لعمرَ بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] فقد أمِنَ الناسُ فقال: عجبتُ مما عجِبتَ منه، فسألت رسولَ - الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "صدقة تصدَّقَ اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صَدَقَتهُ"، وهو حديث صحيح (٢).

ولحديث ابن عمر قال: صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان لا يزيدُ في السفرِ على ركعتينِ، وأبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ كذلك، وهو حديث صحيح (٣).

قال الشوكاني (٤): "والظاهر من الأدلة في القصر والإفطارِ، عدمُ الفرق بين مَنْ سفره في طاعةٍ، ومن سفره في معصية، لا سيما القصر، لأن صلاة المسافر شرعها الله كذلك، فكما أن الله شرع للمقيم صلاة التمام من غير فرقٍ بين من كان مطيعًا، ومن كان عاصيًا بلا خلاف، كذلك شرع للمسافر ركعتين من غير فرق، وأدلةُ القصرِ متناولة للعاصي تناولًا زائدًا على تناول أدلة الإفطار له، لأن القصر عزيمة، وهي لم تشرع للمطيع دون العاصي، بل مشروعة لهما جميعًا بخلاف الإفطار، فإنه رخصةً للمسافر، والرخصةُ تكون لهذا دون هذا في الأصل، وإن كانت هنا عامةً، وإنما المراد بطلانُ القياس " ا هـ.


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٩٣٥)، ومسلم رقم (٦٨٥).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٦٨٦)، وأبو داود رقم (١١٩٩)، والنسائي (٣/ ١١٦)، والترمذي رقم (٣٠٣٤)، وابن ماجه رقم (١٠٦٥)، وأحمد (١/ ٣٦).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٥٦)، والبخاري رقم (١١٠٢)، ومسلم رقم (٦٨٩).
(٤) "وبل الغمام على شفاء الأُوام" (١/ ٣٤٩ - ٣٥٠) بتحقيقي.

<<  <   >  >>