عند هذا الاعتدال، ويقولُ وهو قائم: ربَّنا ولكَ الحمدُ، وكان تارة يزيد على ذلك، ثم كان يكبِّر ويَهْوِي ساجدًا، ويضعُ يديهِ على الأرضِ قبلَ ركبتهِ، وكان يعتمدُ على كفيه ويُبْسطُهما، ويضمُّ أصابعهما ويوجِّهُهما قِبَل القبلة، وكان يجعَلهما حذو منكبيه، وأحيانًا حَذْوَ أذنيهِ، ويمكِّنُ أنْفَهُ وجبهته من الأرض، وكان يقول: أُمِرْتُ أن أسجُدَ على سبعةِ أعظمٍ: على الجبهةِ، وأشار بيده على أنفه، واليدينِ والركبتين وأطرافِ القدمينِ.
وكان يقول:"لا صلاة لمن لا يصيبُ أنفه من الأرض ما يصيبُ الجبينَ".
وكان يطمئن في سجوده، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وكان يقول أنواعًا من الأذكار والأدعية، تارةً هذا، وتارةً هذا.
وكان يأمر بالاجتهاد والإكثارِ من الدعاء في هذا الركنِ، ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يرفع رأسه مكبِّرًا، ثم يفرش رجله اليسرى، فيقعدُ عليها مطمئنًا، وكان ينصِبُ رجله اليمنى ويستقبلُ بأصابِعها القبلةَ.
وكان يقول: اللهم اغفر لي وارحمني، واجبرني وارفعني، واهدني وعافني، وارزقني ثم يكبر ويسجدُ السجدةَ الثانية كالأولى، ثم يرفع رأسَهُ مكبرًا، ثم يستوي قاعدًا على رجله اليسرى معتدلًا، حتى يرجعَ كلُّ عظمٍ إلى موضعِه، ثم ينهضُ معتمدًا على الأرض إلى الركعة الثانية.
وكان يصنعُ فيها مثلَ ما يصنع في الأولى، إلا أنه كان يجعلُها أقْصَرَ من الأولى، ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يجلس للتشهد بعد الفراغِ من الركعة الثانية، فإذا كانت الصلاة ركعتينِ جلس مفترشًا، كما كان يجلسُ بين السجدتين، وكذلك يجلس في التشهد الأول من الثلاثية والرباعية.
وكان إذا قعد في التشهد وضع كفَّه اليُمْنَى على فخذه اليمنى، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وكان يبسط اليسرى، ويقبضُ اليمنى، ويشير بالسبابة، ويرمي ببصره إليها، وكان إذا رفعَ أصبعه يحرِّكُها يدعُو بها ويقول:"لهي أشدُّ على الشيطان من الحديد" يعني: السبابة.
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في كل ركعتين التحية، وكان يصلِّي على نفسه في التشهد الأول وغيره، وشرعَ ذلك لأمتِهِ، وكان يدعو في صلاته بأدعية متنوعةٍ.