للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها حصى الخَذْف (١)، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غَبَرَ، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها.

ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم" فناولوه دلوًا فشرب منه".

قال الإمام النووي (٢) - رحمه الله -:

"وهو حديث عظيم، مشتمل على جمل من الفوائد، ونفائس من مهمات القواعد، قال القاضي: قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا وخرج فيه من الفقه مائة ونيفًا وخمسين نوعًا" اهـ.

* * *


(١) قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (٨/ ١٩١): "وأما قوله: فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصي الخذف" فهكذا هو في النسخ، وكذا نقله القاضي عياض عن معظم النسخ قال: وصوابه مثل حصي الخذف، قال: وكذلك رواه غير مسلم، وكذا رواه بعض رواة مسلم، هذا كلام القاضي، قلت: والذي في النسخ من غير لفظه مثل هو الصواب، بل لا يتجه غيره ولا يتم الكلام إلا كذلك، ويكون قوله: حصى الخذف، متعلقًا بحصيات، أي رماها بسبع حصيات حصي الخذف يكبر مع كل حصاة، فحصى الخذف متصل بحصياتٍ واعترض بينهما يكبر مع كل حصاة، وهذا هو الصواب، والله أعلم" اهـ.
(٢) شرح مسلم (٨/ ١٧٠).

<<  <   >  >>